فقال عبد الله: «أقسم برأس مولانا الإمبراطور وسر التثليث المقدس أن ليس في أمر هذا الخاتم ما يمس جلالتكم بوجه من الوجوه ولكن كتمانه فرض علي واجب لا أستطيع التحول عنه.»
فازداد الإمبراطور استغرابا وقال لمن حوله: «وكيف العمل إذا.»
فقال عبد الله: «إذا أذن مولاي في أمر يكون فيه راحة لخاطره فعلته.»
قال: «وما هو.»
قال: «إننا معشر النصارى نحترم سر الاعتراف فإذا شئتم أن أبوح بسر هذا لغبطة البطريرك الأورشليمى على شرط أن يشير إلى جلالتكم في علاقة هذا السر بكم أو عدمها بغير أن يصرح بتفاصيل قصتى فإذا قال لكم أن لا علاقة لها بكم تحققتم صدق قولي وعذرتمونى على كتمانه.»
قال: «لا بأس من ذلك.» وأشار إلى البطريرك فخلا بعبد الله في الكنيسة ساعة أطلعه فيها على سر ذلك الخاتم.
ولما هما بالرجوع إلى القاعة قال عبد الله: «أرجو من مولاي البطريرك أن يخبرنى عن البطريرك الجالس بجانب البطريرك سرجيوس من هو.»
قال: «هو اثناسيوس بطريرك اليعاقبة ومقامه في الأسكندرية وقد جاء لمقابلة الإمبراطور ولعله يغتنم الفرصة للمداولة معه بما هو جار من الاختلاف المذهبى بين الملكية واليعاقبة في القطر المصري.»
فقال: «وهل ذلك الاختلاف لا يزال متمكنا فقد بلغنا أنه كاد يزول.»
فتنهد البطريرك وقال: «ظنناه كاد يزول ولكنه لم يزل فإن مولانا الإمبراطور رجل حازم ذو رأى سديد وقد علم بعاقبة هذا الانقسام فلاح له أن يختلق وسيلة للتوفيق بين القائلين بالطبيعتين والمشيئتين والطبيعة والمشيئة فاستعان بالبطريرك سرجيوس القسطنطينى فاستنبط منذ بضع سنوات عقيدة متوسطة وهي الاعتراف بطبيعتين في المسيح لهما مشيئة واحدة وفعل واحد وعرض عقيدته هذه على البطاركة والأساقفة فقبلها أكثرهم. وفى عزمه أن ينقل البطريرك اثناسيوس إلى كرسي أنطاكية ويرسل الأسقف كيرلس إلى الأسكندرية فيجعله بطريركا ووليا عليها ولعله يقصد بذلك التوفيق بين الكرسيين الأنطاكي والاسكندري ولكنني لا أظنهما يتفقان فإن التعصب متمكن من الجانبين وليست هذه الاختلافات في اعتقادى إلا مماحكات لفظية يتمسك بها بطاركتنا إلتماسا للسلطة الدنيوية ولكن هذه إرادة الله فما أجمل المملكة المسيحية إن تكون مذهبا واحدا نقول قولا واحدا تأييدا لدولة الروم العظمى فقد كفانا ما نجم عن هذه الاختلافات من الأحن والمصائب ولا نزال نتوقع ما هو فوق ذلك فنطلب إلى الله أن يلطف بعباده.»
Bog aan la aqoon