فنادت الخادم الذي رافق سلمان إلى مقر حماد واوعزت إليه أن يستقدمه إلى الصرح.
الفصل السابع والثلاثون
حماد وآماله
تركنا حمادا وسلمان يفكران في عبد الله وهما بين الرجاء والقنوط من أمره فقضى سلمان أياما يتردد إلى البلقاء وبصرى للبحث عنه فلم يقف له على خبر حتى ترجح لديه أخيرا انه سافر إلى الحجاز.
وأما حماد فكان بين شاغلين عظيمين هند من جهة ووالده من جهة أخرى وكلما رأى قادما ظنه رسولا من هند جاء يستقدمه إليها أو شيئا ينبئه بخبر والده.
حتى كان اليوم الذي تقرر فيه استقدامه واتفق انه أفاق في صباح ذلك اليوم منشرح الصدر واسع الآمال وكان قلما يصبح إلا منقبضا كئيبا لما يتوالى على ذهنه من المخاوف تارة على والده وطورا على حبيبته حتى اثر ذلك في صحته فرق جسمه قليلا على انه كثيرا ما كان يخرج للصيد أو نحوه لترويح النفس ولولا ذلك ما نجا من غائلة المرض.
فلما أصبح في ذلك اليوم على ما تقدم عجب واستبشر ولبث يتوقع خبرا مفرحا وكان سلمان قد خرج من الخيمة لبعض المهام وهو على غير ما كان عليه سيده من الانشراح والاستبشار ولكنه ما لبث أن رأى فارسا قادما مسرعا فعلم من جهة مسيره انه يقصد مضربهم فتفرسه عن بعد فعلم انه من رجال صرح الغدير فتوسم بقدومه خيرا فخف لملاقاته فلما دنا منه عرفه ورآه يبتسم فعلم انه إنما جاء لبشرى خير وقبل أن يصل الفارس إلى سلمان ترجل ومشى وزمام الفرس بيده ومشى سلمان حتى التقيا فتصافحا وتعانقا فاستطلعه سلمان الخبر فقال: «جئت استقدم الأمير حمادا إلى سيدتي الأميرة سعدى في صرح الغدير لأنها تريد مخاطبتة في شأن.»
فقال سلمان: «وهل تدرى ما هو ذلك الشأن.» فضحك الخادم وقال: «لا أدري ولا بد من أن تكون اعلم مني به وأما أهل القصر عندنا فقد لاحظوا من بعض ما سمعوه سرا وأدركوه ضمنا أن مولاتنا هند ستخطب وكلنا ننتظر ذلك اليوم فانه سيكون يوما سعيدا لم ير غسان اسعد منه لان مولانا جبلة كريم النفس سيخلع علينا خلعا فاخرة وينثر علينا الذهب نثرا.»
فتبسم سلمان وقال: «وهل علمتم من هو خطيبها.»
قال: «نعم هو ابن عمها ثعلبة إذ ليس من أبناء عمها من هو أقرب منه إليها وقد طلبها ولكنني علمت من بعض الخدم أنها لا تحبه ولا تقبل به.»
Bog aan la aqoon