Qayb Ka Mid Ah Taariikhda Kacaanka Carabi
فصل في تاريخ الثورة العرابية
Noocyada
وفي صباح 10 يوليه تلقى طلبة باشا إنذارا نهائيا هذا نصه: «لي الشرف أن أخطر سعادتكم أنه لما كانت أعمال الاستعدادات العدائية الموجهة ضد الأسطول، الذي أتولى قيادته آخذة في الازدياد طول نهار أمس في حصون صالح وقايتباي والسلسلة، فقد عقدت العزم أن أنفذ غدا 11 الحالي عند شروق الشمس ما أعربت لكم عنه من عمل في كتابي المؤرخ يوم 6 الحالي، وذلك إن لم تسلموا إلي في الحال قبل هذه الساعة البطاريات الموضوعة في شبه جزيرة رأس التين، وعلى شاطئ ميناء الإسكندرية الجنوبي بقصد تجريدها من السلاح».
هذه هي أقصوصة الذئب والحمل في صورتها الجديدة. ولا نستطيع أن نتصور كيف يكون تحصين أمة شواطئها تلقاء سفن أجنبية تتهددها عملا عدائيا يسوغ الشر والعدوان؟ إن مثل ذلك كمثل لص أراد أن يقتحم دارا وسلاحه في يده، فإذا تناول صاحب الدار شيئا يدفع به عن نفسه هذا العدوان جعل اللص من ذلك مسوغا لأن يقتله، ويأخذ متاعه وداره! وكيف تكون قلاع الإسكندرية هي المعتدية على بوارج الأسطول، والقلاع التي لم تنتقل إلى السفن لتضربها، وإنما السفن هي التي جاءت تتهدد المدينة في غير موجب، والمؤتمر الدولي قائم في الآستانة ينظر في المسألة المصرية؟
ومع ذلك فقد قرر دي فرسنيه رئيس الوزارة الفرنسية في كتابه المسألة المصرية «أن المعلومات التي لديه لم تكن بالخطورة التي تبدو من رسائل الأدميرال سيمور، بحيث إن ضرب الإسكندرية في الظروف التي وقع فيها، إنما كان عملا هجوميا لا دفاعيا»، وقرر كذلك أن «سد البوغاز لم يشرع فيه في وقت من الأوقات».
ويقول جون نينيه السويسري في كتابه «عرابي باشا»: إني أؤكد بشرفي ما تحققته إذ كنت أزور الحصون يوميا مصحوبا بكبار الضباط، أنه منذ مجيء أوامر السلطان بالكف عن الترميمات لم يطرأ أي تغيير على أية بطارية من جهة الميناء أو على البحر، ولم يحصل أي ترميم في الحصون ولم ينصب فيها أي مدفع جديد».
موقف فرنسا وتركيا
أما فرنسا فإنها منذ يوم 3 يوليه قد رفضت أن تعمل مع إنجلترة، وذلك احتراما منها لما أقره مؤتمر الأستانة؛ ولأنها تعد مثل هذا التدخل عملا عدائيا لا دفاعيا، وكتبت الحكومة الفرنسية إلى قائد الأسطول الفرنسي بالإسكندرية بأن يبتعد إلى بورسعيد إذا أصر القائد الإنجليزي على الإنذار النهائي بضرب الإسكندرية. وتنفست إنجلترة الصعداء، فذلك ما كانت تتمناه من زمن لتنفرد بالعلم ولتلتهم مصر وحدها.
أما تركيا فإن موقفها من الأزمة من أول الأمر موقف المتردد الحائر كما تجلى في بعثة درويش.
وقد ظلت حكومة تركيا حائرة بين أن تأخذ جانب توفيق، وقد انحاز إلى الأجانب على حساب مصالحها وحقها في مصر، أو أن تأخذ جانب عرابي فتؤيد بذلك الحركة الدستورية الحرة، العمل الذي كانت تخشاه شر خشية، وبخاصة في ولاية تابعة لها فهي ما تزال تحكم بلادها حكما مطلقا.
ولقد اتصفت إزاء مؤتمر الآستانة بالتردد والغفلة حتى صارت إنجلترة لا تقيم لها وزنا، وأقبلت تعتدي على مصر كأنه لا علاقة بين مصر وبين السلطان.
مصر تجاهد وحدها ضد العدوان
Bog aan la aqoon