وحارب أبو فراس حرب المستميت، ولكن السهام انصبت عليه من كل ناحية، وانتاشته السيوف من كل مكان، فسقط عن جواده مثخنا بالجراح، فتركه أعداؤه، وهو يجود بأنفاس قصار، وانطلقت إليه نجلاء وأمه وابنته حزينات نائحات، وحملت نجلاء رأسه فوضعته فوق ركبتها في رفق وحنان، وأخذت تناديه وتناجيه بعبارات تقطع القلب، وتذيب الصخر. وقامت أمه حوله تلطم عينيها حتى أذهبت بصرهما، وطال بكاء فوز وجزعها، وامتد نشيجها، ففتح أبو فراس عينيه وهو يحتضر، والموت يزاحم أنفاسه، ونظر إلى نجلاء، ثم إلى أمه ثم إلى بنته وقال في صوت متقطع:
أبنيتي لا تجزعي
كل الأنام إلى ذهاب
نوحي علي بحسرة
من خلف سترك والحجاب
قولي إذا ناديتني
وعييت عن رد الجواب
زين الشباب أبو فرا
س لم يمتع بالشباب!
Bog aan la aqoon