وفيما كان الآغا يحدث بعض الأهالي ويجاوب على سؤالات البعض الآخر بلطف وإيناس قال واحد: يا ألف صلاة وسلام على فارس آغا، فارس آغا ما مد يده لأحد. العسكر الغريب ضربة، وخصوصا إذا كان من الدراغون ...
وتنحنح الآغا وسعل، ثم تعالى على كرسيه وتمثل: زوان بلدك ولا القمح الصليبي. نحن منكم وفيكم؛ وإذا تشددنا مرة فلأننا مثل الوتد: قال الحيط للوتد لماذا تشقني، فجاوبه: اسأل الذي يدقني.
ابن الحكومي مثلي عليه أن ينفذ أوامر أفندينا، كما علينا أن نترفق برعايانا ما قدرنا. فهمت يا طنوس؟ إذا ذكرتني ثاني مرة مع هؤلاء الأغراب، فقل: بعيد الشبه. أنا معروف ابن من ومن أي ضيعة، أما هؤلاء فمن يعرف قرعة جدهم من أين؟! ومع كل تصرفنا الطيب لا نعجب قرياقوس.
فضحك قرياقوس ضحكة، لا هي كبيرة ولا هي صغيرة، وقال: لنا دالة عليك يا سيضنا (يا سيدنا) الآغا.
فأجابه الآغا: عسى ألا يكونوا ضايقوكم.
فقال قرياقوس ممازحا الآغا: طبعا أنت أرحم منهم، وإن كان فيك البركة.
فنهض الآغا، وقال وهو يفك رسن دابته: الملتقى يا قرياقوس في أوائل تموز، يوم تحصيل الميرة. استعد، هيئ حالك. ثم مشى وهو يودع قرياقوس بجميع أصابعه، ويده على قفاه.
أما قرياقوس فلوح بكف كالمدرى، وعرض صوته وصاح: يا مرحبا بك كل ساعة. أي وقت تريد أنا بين الأيادي.
فأجاب الآغا، وقد أدرك التحدي: نحن رجال الحكومة يجب أن نكون واسعي الصدر لنمثل الراعي الصالح، ولا تنس يا قرياقوس أني أهجم على طابور، وأني أنا وحدي وقفت بوجه عسكر مولانا السلطان، ومنعتهم من تخطي حدود الولاية، ودخول فرن الشباك، والمرور في أرض لبنان بدون إذن. لا تنس أني أنا فارس آغا طوعت الفارين من وجه الحكومة وسلمتهم لأفندينا، خاضعة رقابهم، وعيونهم في الأرض.
ثم استراح قليلا، وعاد يقول : ضحكنا لك يا قرياقوس فصدقت، وجررت سلاحك علينا. يفرجها الله يا قرياقوس. الآن «محضورة» والملتقى كما قلت لك، وفي هاتيك الساعة تعرف القرعا من أم قرون.
Bog aan la aqoon