في الاستفهام، ألا ترى أنك إذا استفهمت فقلت: أَخَرَجَ زيدٌ أم [أ] (١) قام؟ فقد استوى الأمران عندك في الاستفهام وعَدَمُ عِلْمِ أَحَدِهما بِعَيْنِه، كما أنك إذا أخبرت فقلت: سواءٌ عليَّ أَقعدتَ أم ذهبتَ، فقد سويت بين الأمرين عليك، فلما عَمَّتْهُما التسويةُ، جرى على هذا الخبر لفظُ الاستفهام لمشاركته له في الإبهام، فكل استفهام تسوية، وإن لم تكن كل تسوية استفهامًا (٢).
وقال صاحب الكتاب: جرى هذا على حرف الاستفهام كما جرى على حرف النداء قولك: اللهم اغفر لنا أيتها العصابة (٣). يعني أن هذا جرى على صور الاستفهام، ولا استفهام؛ كما أن ذاك جرى على صورة النداء، ولا نداء (٤).
والإنذار: إعلام بتخويف، هكذا حَدَّهُ أهل اللغة (٥)، وفي المثل: "قد أَعْذَرَ مَن أنذر" (٦).
والإنذار، والتخويف، والتحذير، نظائر في اللغة.
وأحد مفعولي الإنذار هنا محذوف، لأن أنذر فعل يتعدى إلى مفعولين، بشهادة قوله سبحانه: ﴿أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً﴾ (٧)، وقوله: ﴿أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا﴾ (٨)، وإنما حُذف هنا لكونه أبلغ في الوعيد وأقطع (٩).