Farah Antun
فرح أنطون: حياته – أدبه – مقتطفات من آثاره
Noocyada
والأمر الثاني: إرضاء الزوج، وهو أمر لا يقل عن الأول أهمية؛ لأن عليه مدار سعادة العائلة، ونحن الآن تجاه مسألة كبرى، وهي مسألة سلطة الزوج وسلطة الزوجة في العائلة. نعم، إن النزاع في هذه السلطة قليل في بلادنا خلافا لما يحدث في الغرب، ولكنا نجد من الفائدة أن نشير إلى آراء فلاسفة الغرب في هذا الموضوع على سبيل المقابلة، فإنهم يقولون إن كل شركة وكل هيئة وكل حكومة يجب أن يكون فيها إدارة تتولى الاهتمام والتدبير، وأعضاء يخضعون لها مقابل اهتمامها وتدبيرها، والزواج شركة، فيه الرجل عامل قوي خشن؛ لأنه مخلوق للعراك والزحام، والمرأة لطيفة نحيفة عملها في منزلها. الأول يكسب ويقوم بأود العائلة، والثانية تعطيه هذه العائلة، فمن الحق الطبيعي والناموس الاجتماعي إذا أن يكون الرجل هو مدير العائلة. وإذا كان الرجل هو المدير تحتمت الطاعة على المرأة، وصارت سلطته فوق سلطتها. بهذا النظام تقوم المنازل، وإلا تنهدم ويتفرق من فيها أيدي سبأ.
فإذا كان هذا ما يقوله فلاسفة الغرب، والمرأة عندهم أرقى من المرأة عندنا، وجب أن يقال مثله على الأقل في حالة منازلنا، فالرجل إذا هو صاحب السلطة في الظاهر، وإن كانت المرأة في الحقيقة هي صاحبة السلطة في الباطن، كما مر بنا، فترتب عليها إرضاؤه ليرضيها هو أيضا.
هذان الواجبان هما أعظم واجبات الزوجة. بقيت واجبات الأم، وهي عندنا ثلاثة؛ الأول: تربية أجسام الأولاد، والثاني: تربية عقولهم ونفوسهم، والثالث: القيام بأودهم.
أما الأمر الأول:
فهو عمل هيجيني محض؛ ولذلك تجب أن تعلم الفتاة منذ صغرها في المدارس التي تتعلم فيها كيف يجب أن تكون تربية الأولاد نظريا وعمليا، وما أحسن أن يبنى بإزاء كل مدرسة للبنات ملجأ خيري صغير لأطفال الفقراء؛ لتصرف فيه كل تلميذة ساعة أو ساعتين من يومها تتعلم فيهما عمليا تربية الأطفال، وتنمي في نفسها الميل الطبيعي الذي فيها لتلك المخلوقات الصغيرة الجميلة التي سيمنحها الله منها.
والأمر الثاني:
عمل أدبي سيكولوجي، يقتضي معارف واسعة وخبرة وملاحظة، وهو فن مستقل بنفسه، بل هو الفن الأعظم الذي يسمونه فن التربية النفسية.
والأمر الثالث:
وهو القيام بأود الأولاد، يقتضي أن تكون المرأة حين الحاجة نصف رجل، لتكسب رزق أولادها حين الحاجة.
هذه هي واجبات المرأة في العائلة على وجه الإجمال، ولكننا نرى هنا بعض السيدات يحملقن ويقلن: ماذا؟ أهذه أعمالنا فقط؟ أيبلغ بكم الظلم أن تضعوا على ظهورنا النحيفة كل هذه الأحمال دون أن تأذنوا لنا بشيء يخففها؟ كلا أيتها السيدات، لا تقلن أن تأذنوا لنا؛ فإن ذلك من حقكن، والحق مباح لا يقتضي إذنا. نعم، من حقكن رئاسة المنزل والعائلة في بعض الأوقات رئاسة عليا، تكون فيها سلطتكن فوق سلطة الرجل نفسه، بل إن ذلك من واجباتكن؛ لأنه عمل من الأعمال المنزلية المهمة.
Bog aan la aqoon