توسيع الرؤية عن طريق الاطلاع على زوايا مختلفة ووجهات نظر متنوعة هو أمر مدهش دائما، وهو لا يتعارض مع قدرتك على اختيار زاوية مفضلة، أو قناعة خاصة بك، لكنه بالتأكيد يتعارض مع قمع الآخر، وإسكات الأصوات المخالفة؛ لأن عالم اليوم بتقنياته التي تتطور بشكل غير مسبوق - من وسائل إعلام مرئية ومسموعة، ومقروءة، وشبكات إنترنت - هو عالم ضد المنع، عالم يستحيل فيه محو الأفكار المخالفة. عصرنا - شئنا أم أبينا - متعدد الأصوات، والتنوع جزء من جوهره، لا مجرد عرض من أعراضه التي يمكن السيطرة عليها أو التخلي عنها.
المقصود هنا
Relativism ، وجرى العرف بترجمتها هكذا؛ تفريقا لها عن كلمة
relativity . وقد أجازها مجمع اللغة العربية في مصر.
نظريات المؤامرة وتفسير العالم
1
أب يعلم ابنه الصغير، فيشير إلى حيوان ما يعبر الطريق: «هذا قط.» ينظر الطفل باهتمام، ويردد خلفه. في يوم تال يرى الطفل حيوانا يمشي في الشارع؛ فيشير فرحا: «قط!» يصحح له أبوه: «لا، هذا كلب.» يحاول برفق أن يوضح له الفوارق.
في اللحظة التي يشير فيها الطفل إلى كلب يمشي في الشارع باعتباره قطا، نعرف أنه لا يعرف ما هو الكلب، والأهم في هذا السياق أن ندرك أنه لا يعرف كذلك ما هو القط، رغم أنه قد يكون قد تعرف قبلها بلحظات على قط ما يمشي في الشارع؛ لأن كلمة أو مفهوم «قط» تكتسب معناها - وفقا لما تعلمناه من العالم اللغوي «سوسير» - من خلال اختلافاتها مع الكلمات/العلامات الأخرى؛ فمثلا، لا يمكنك أن تعرف ما هو اللون الأخضر إلا في سياق معرفتك للون الأزرق واللون الأصفر وبقية الألوان؛ لأن المعرفة التي تتيح لك أن تميز الأخضر عن بقية الألوان تتطلب بالضرورة أن تكون قادرا على فهم الاختلافات بين هذه الألوان المختلفة.
في سياق مقارب يقال عن التعريف المثالي إنه تعريف جامع مانع. جامع: أي إنه يضم كل مفردات الشيء الذي يعرفه؛ بمعنى أن يكون الطفل في المثال الأول - بعد أن يتعلم هذا التعريف - قادرا على التعرف على أي قط يسير في الشارع. ومانع: أي إنه يمنع ما سوى هذه المفردات من أن يدخل تحت هذا التعريف؛ أي إنه يحمي الطفل من أن يخطئ، فيشير إلى كلب أو حصان باعتباره قطا.
2
Bog aan la aqoon