126

Faqiha iyo Mutafaqqiha

الفقيه و المتفقه

Baare

أبو عبد الرحمن عادل بن يوسف الغرازي

Daabacaha

دار ابن الجوزي

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٢١ ه

Goobta Daabacaadda

السعودية

بَابُ الْقَوْلِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ كُلُّ كَلَامٍ مُفِيدٍ فَإِنَّهُ يَنْقَسِمُ إِلَى حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ: فَأَمَّا الْحَقِيقَةُ، فَهُوَ الْأَصْلُ فِي اللُّغَةِ، وَحْدَهُ: كُلُّ لَفْظٍ اسْتُعْمِلَ فِيمَا وُضِعَ لَهُ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ، فَقَدْ يَكُونُ لِلْحَقِيقَةِ مَجَازٌ، كَالْبَحْرِ، فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْمَاءِ الْمُجْتَمِعِ الْكَثِيرِ، وَمَجَازٌ فِي الرَّجُلِ الْعَالِمِ وَالْفَرَسِ وَالْجَوَادِ
أنا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْهَاشِمِيُّ، - بِالْبَصْرَةِ -، نا أَبُو الْحَسَنِ، عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَادَرَائِيُّ، نا ابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْعَنَزِيُّ، نا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ «يُسَمَّى الْبَحْرَ مِنْ كَثْرَةِ عِلْمِهِ»
أنا أَبُو الْقَاسِمِ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْفَقِيهُ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ النِّجَادُ، نا جَعْفَرٌ الصَّائِغُ، نا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: رَكِبَ النَّبِيُّ ﷺ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ، فَلَمَّا نَزَلَ عَنْهُ قَالَ: «وَجَدْتُهُ بَحْرًا» ⦗٢١٤⦘ قَالَ لَنَا أَبُو الْقَاسِمِ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَكَلَّمَ النَّبِيُّ ﷺ بِالْمَجَازِ، لِأَنَّهُ شَبَّهَ سُرْعَةَ الْفَرَسِ فِي جِرْيِهِ بِالْبَحْرِ وَجَرَيَانِهِ وَهَوْلِهِ وَعِظَمِهِ فَإِذَا وَرَدَ لَفْظٌ حُمِلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ بِإِطْلَاقِهِ، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ إِلَّا بِدَلِيلٍ، وَقَدْ لَا يَكُونُ لَهُ مَجَازٌ، فَيُحْمَلُ عَلَى مَا وُضِعَ لَهُ وَأَمَّا الْمَجَازُ فَحَدُّهُ: كُلُّ لَفْظٍ نُقِلَ عَمَّا وُضِعَ لَهُ وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ النَّاسِ الْمَجَازَ فِي اللُّغَةِ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَجَازٌ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْعُدُولَ عَنِ الْحَقِيقَةِ إِلَى الْمَجَازِ، إِنَّمَا يَكُونُ لِلضَّرُورَةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يُوصَفُ بِالْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامِهِ مَجَازٌ وَهَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ الْمَجَازَ لُغَةُ الْعَرَبِ وَعَادَتُهَا، فَإِنَّهَا تُسَمِّي الشَّيْءَ بِاسْمِ الشَّيْءِ إِذَا كَانَ مُجَاوِرًا لَهُ، أَوْ كَانَ مِنْهُ بِسَبَبٍ، وَتَحْذِفُ جُزْءًا مِنَ الْكَلَامِ طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ، إِذَا كَانَ فِيمَا أُبْقِيَ دَلِيلٌ عَلَى مَا أُلْقِيَ، وَتَحْذِفُ الْمُضَافَ وَتُقِيمُ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ وَتُعْرِبُهُ بِإِعْرَابِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَجَازِ، وَإِنَّمَا نَزَلَ الْقُرْآنُ بِأَلْفَاظِهَا وَمَذَاهِبِهَا وَلُغَاتِهَا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ [الكهف: ٧٧]، وَنَحْنُ نَعْلَمُ ضَرُورَةً أَنَّ الْجِدَارَ لَا إِرَادَةَ لَهُ

1 / 213