النَّسَبِ، كَمَا تَقُولُ: لِحْيَانِيُّ جُمَّانِيُّ، إِذَا كَانَ عَظِيمَ اللِّحْيَةِ وَالْجُمَّةِ وَأَمَّا الْمُتَعَلِّمُ عَلَى سَبِيلِ النَّجَاةِ: فَهُوَ الطَّالِبُ بِتَعَلُّمِهِ وَالْقَاصِدُ بِهِ نَجَاتَهُ مِنَ التَّفْرِيطِ فِي تَضْيِيعِ الْفُرُوضِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ، وَالرَّغْبَةِ بِنَفْسِهِ عَنْ إِهْمَالِهَا وَإِطْرَاحِهَا، وَالْأَنَفَةِ مِنْ مُجَانَسَةِ الْبَهَائِمِ، وَقَدْ نَفَى بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ عَنِ النَّاسِ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَمَّا الْقَسَمُ الثَّالِثُ، فَهُمُ الْمُهْمِلُونَ لِأَنْفُسِهِمْ، الرَّاضُونَ بِالْمَنْزِلَةِ الدَّنِيَّةِ وَالْحَالِ الْخَسِيسَةِ، الَّتِي هِيَ فِي الْحَضِيضِ الْأَوْهَدِ، وَالْهُبُوطِ الْأَسْفَلِ، الَّتِي لَا بَعْدَهَا فِي الْخُمُولِ، وَلَا دُونَهَا فِي السُّقُوطِ - نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخَذَلَانِ، وَعَدَمِ التَّوْفِيقِ وَالْحِرْمَانِ - وَمَا أَحْسَنَ مَا شَبَّهَهُمُ الْإِمَامُ عَلِيٌّ بِالْهَمَجِ الرَّعَاعِ: وَالهَمَجُ: البَعُوضُ، وَبِهِ يُشَبَّهُ دُنَاةُ النَاسِ وَأَرَاذِلُهُم، وَالرِّعَاعُ: الْمُتَبَدِّدِ الْمُتَفَرِّقِ، وَالنَّاعِقُ: الصَّائِحُ، وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الرَّاعِي، يُقَالُ: نَعَقَ الرَّاعِي بِالْغَنَمِ يَنْعِقُ: إِذَا صَاحَ بِهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ١٧١]
أنا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ التَّنُوخِيُّ، أنا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمَأْمُونِ الْهَاشِمِيُّ، نا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ الْأَنْبَارِيُّ قَالَ: قَرَأْنَا عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، لِأَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ: «
[البحر البسيط]