وخارج إيطاليا كان التصوير يتخذ، بعمد أكبر، الطريق الذي دلت عليه العمارة، وبميسورك في المخطوطات المزخرفة أن تشاهد الفظاظة المتصلة للخط واللون، ومع بداية القرن الرابع عشر كانت طلاءات ليموجس
Limoges
30
قد ساخت في ذلك السقوط الذي لم تحاول أن تقوم منه أبدا. أما عن التصوير خارج الألب بعد 1250م فحدث ولا حرج؛ فإذا كان الانحدار في التصوير الإيطالي أكثر رفقا؛ فلأن روح النهضة البيزنطية كانت تموت هناك موتا أكثر تعسرا، من جهة لأن الهبوط كان يعاق بفنانين أفراد ارتفعوا فوق ظروفهم، ولكن هنا أيضا كان الذهن يملأ الفراغ الذي تركه الانفعال؛ فالعلم والثقافة يعملان عملهما، وبحلول عام 1500م كان تيار الإلهام قد تضاءل على نحو مخيف بحيث لم يبق إلا ما يدير بالكاد عجلات رجال العبقرية، أما صغار الفنانين فكانوا فيما يبدو جاهزين لأن يسلموا أنفسهم للمحتوم؛ فما دمنا لم نغد فنانين نوقظ فلنكن صانعين ندهش. إنه لشيء مدهش أن نغري القنافذ بتفاحات مرسومة، ذلك يصيب الناس بالذهول. مثل هذه الأعمال، بالمناسبة، دون مستوى خلفاء جوتو، نحن نتركها للهولنديين الذين نحسدهم بعض الشيء رغم ذلك. لقد خسرنا الفن، فلندرس علم المحاكاة، فها هنا مجال للعلم والبراعة، ولأن رعاتنا الذين فقدوا إدراكاتهم الإستطيقية لم يفقدوا كل حواسهم، فلنتملقهم بأشياء تعبر عن الامتنان، لتكن أعنابنا وفتياتنا حلوة كما هي في الحياة، ولكن رعاتنا ليسوا جميعا حسيين؛ فبعضهم أساتذة، وتجارة محاكاة القديم جيدة كتجارة محاكاة الطبيعة. وعلينا نحن علم الآثار والخبرة، تلكم العلامتان التوءمان للفن المشلول؛ ذلك أن استجابة المرء للشكل تتطلب الحساسية، أما معرفة هل احترمت القواعد أم لا فلا تتطلب غير معرفة هذه القواعد، وبحلول القرن الخامس عشر يكون الفن قد أصبح مسألة قواعد، وتقييم الفن مسألة «خبرة»
connoisseurship .
الأدب ليس فنا خالصا بأي حال، قليل جدا من الأدب ما هو تعبير محض عن الانفعال، ولا شيء من الأدب، في اعتقادي، هو تعبير عن انفعال فوق بشري، معظم الأدب معني، إلى حد ما، بالحقائق والأفكار. إنه فكري؛ ولذا فإن الأدب مرشد مضلل لتاريخ الفن، وتاريخه هو تاريخ الأدب، وهو مرشد جيد لتاريخ الفكر. إلا أن الأدب في بعض الأحيان سيقدم لتاريخ الفن حظا جيدا من البنية الإضافية؛ مثال ذلك أن واقعة أن شارل الأكبر أمر بجمع الأغاني الفرنجية تصنع قلادة أنيقة لنهضة فن آكن؛ فالذين يبدءون في الجمع قد فقدوا الفورة الأولى للخلق، والتغير الذي أصاب الفن التشكيلي في فرنسا تجاه نهاية القرن الثاني عشر منعكس في المنجز التافه لكريتيان دي ترو
Chrètien de Troyes ،
31
وكان القرن الحادي عشر قد أنتج «أغنية رولان»
Chanson de Roland ، وهي قصيدة في عظمة وبساطة كنيسة رومانسكية. لقد ميع كريتيان دي ترو المفاهيم الهائلة لأعماله الأفضل ولوى بها إلى أوهام جيدة النسج. لقد أنتج قصيدة محلقة ورشيقة وغير دالة مثل «كاتدرائية روان»
Bog aan la aqoon