أولا:
حاجتنا إلى الإفصاح عن كل ما ينتابنا من العوامل النفسية من رجاء ويأس، وفوز وفشل، وإيمان وشك، وحب وكره، ولذة وألم، وحزن وفرح، وخوف وطمأنينة وكل ما يتراوح بين أقصى هذه العوامل وأدناها من الانفعالات والتأثرات.
وثانيا:
حاجتنا إلى نور نهتدي به في الحياة، وليس من نور نهتدي به غير الحقيقة، حقيقة ما في أنفسنا، وحقيقة ما في العالم من حولنا ، ونحن وإن اختلف فهمنا عن الحقيقة لسنا ننكر أن في الحياة ما كان حقيقة في عهد آدم ولا يزال حقيقة حتى اليوم، وسيبقى حقيقة إلى آخر الدهر.
وثالثا:
حاجتنا إلى الجميل في كل شيء، ففي الروح عطش لا ينطفئ إلى الجمال، وكل ما فيه مظهر من مظاهر الجمال؛ فإننا وإن تضاربت أذواقنا فيما نحسبه جميلا ونحسبه قبيحا لا يمكننا التعامي عن أن في الحياة جمالا مطلقا لا يختلف فيه ذوقان.
ورابعا:
حاجتنا إلى الموسيقى؛ ففي الروح ميل عجب إلى الأصوات والألحان لا ندرك كنهه، فهي تهتز لقصف الرعد ولخرير الماء ولحفيف الأوراق، لكنها تنكمش من الأصوات المتنافرة وتنبسط بما تآلف منها.
ولقد وجه جبران خليل جبران شعر المهجر توجيها قويا نحو الرومانسية المجنحة، وامتد تأثيره إلى الشرق العربي كله، سواء في الشعر الموزون أو الشعر المنثور، وكان تأثيره أوضح ما يكون في خلق شعر المناجاة الذي سميناه في كتابنا «في الميزان الجديد» بالشعر المهموس، ورأينا مثلا رائعا له في قصيدة «أخي» لميخائيل نعيمة، ولنأخذ لهذا الشعر مثلا جميلا آخر من مطلع قصيدة «الطين» لإيليا أبو ماضي:
نسي الطين ساعة أنه طين
Bog aan la aqoon