Fanka Mucaasirka: Soo Koobid Kooban
الفن المعاصر: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
إن «قصة تشي جيفارا» هي نموذج لطابع الكثير من الأعمال التفاعلية على المستوى الاجتماعي؛ فهناك توازن بين عدد المشاركين وتنوعهم والخطاب المحتمل. ينزع المشاركون النشطاء إلى أن يكونوا قلة، ونخبويين، وانتقائيين، وفي هذه الفقاعات اليوتوبية المؤقتة لا يتم التوصل إلى أية سياسة جوهرية؛ وذلك لأنه حتى بين هؤلاء الذين يحضرون بالفعل، يجري إنكار الاختلافات وتضارب المصالح أو نسيانها بصورة مؤقتة، وتكون النتيجة على الأرجح سياسة رمزية ليس إلا.
من ناحية، فإن استخدام تفاعل الجمهور يدخل من جديد حضورا فعالا لا يقبل الجدال إلى فن يهدد بأن يتحول إلى لهو مفرغ لإشارات وأشياء جاهزة. لم يعد الحضور ذاك الخاص بعبقرية الفنان، بل بالجمهور الذي يتحمس مؤقتا بالمبدأ المثالي الديمقراطي الذي يتعامل مع أفكارهم وأفعالهم باعتبارها شيئا ذا قيمة، أو على الأقل يميز احتمالهم للمشاركة الإبداعية.
إذا كان هذا العمل بلا فائدة ورمزيا بإدراك ذاتي، فإن ظهور هذا النمط من الفن ربما يكون أقل إيجابية مما يرى بوريو. لدى اقترانه بالتفكير في تفريغ السياسات الديمقراطية من فحواها (تذكر مشروع «المواطن العادي» بالسويد)، فما يصفه بوريو هو استيعاب آخر لعالم الفن لما انتهى أو أهمل، وتمثيل جمالي لما كان في السابق تفاعلا اجتماعيا، وخطابا سياسيا، وحتى علاقات إنسانية عادية. إذا كانت الديمقراطية توجد في الأعمال الفنية فقط، فهي في مشكلة كبيرة.
إن هذا النمط من الفن، مع ذلك، يلائم كلا من الحكومات (لا سيما الحكومات ذات التحول الديمقراطي الاشتراكي، ومن هنا جاء انتشاره في أوروبا إبان التسعينيات)، وعالم المؤسسات التجارية. إن الحكومات - كما رأينا - تنظر إلى الفن باعتباره مهدئا اجتماعيا، وتأمل أن يؤدي الفن التفاعلي على المستوى الاجتماعي دور ضمادة للجروح الخطيرة التي يستمر رأس المال في التسبب فيها. أما المؤسسات التجارية فربما توظفه على وجه خاص لتخفيف وطأة بيئات العمل بلهو إبداعي، وتحرير بنى الشركات ومناهجها بفكر ابتكاري، وهكذا تعاد صياغة الفن باعتباره مستشارا إداريا.
على النقيض من ذلك، لم تكن ملاحظات فيريليو حول الفن المعاصر ما ترغب في سماعه الدول والشركات؛ فهي تحمل الكثير من الأخطاء بالفعل؛ لأن التعبير عنها كان بلغة متشددة وتهويلية، وتحتوي على أخطاء كبيرة، كما أنها استفزازية لإقرانها قدرا كبيرا من إنتاج الفن المعاصر مباشرة بالقتل الجماعي. مع ذلك، فإنها تعبر بوضوح عن قلق حول أن يضع هذا الفن نفسه في مقابل الخطاب الإنساني والسكينة والتأمل، وفي خدمة القوى الذرائعية. لتوحيد آراء بوريو وفيريليو، ربما يمكننا القول إن من بين الأساليب التي اتبعها الفن لفعل هذا الأمر تحديدا تغليف التفاعل الاجتماعي بغلاف الأداء الجمالي.
إن منطق رأس المال تحريك جميع المواد والأجساد والثقافات والارتباطات بقوة في إطار البحث الآلي عن تحقيق الأرباح. يكمن شكل مماثل لهذا الأمر في استبدال الرموز عديم الأهمية في الفن. من وجهة نظر فيريليو، إن الإبداع الفني - المتحالف مع رأس المال - موجه ضد الإنسانية نفسها، وهو ما يظهر على أبرز نحو في ممارسة التلاعب بالجينات. لقد كانت هناك رؤى عديدة لبشر معدلين وراثيا في التصوير الفوتوغرافي الرقمي الحديث - على سبيل المثال، تلك التي قدمها كل من مارجي جيرلينكس وإينيز فان لامسويردي - ساهمت، بمناظرها المصقولة، في إضفاء طابع سحري لآفاق التغيير الإبداعي في الجينات. تمادى فنانون آخرون في الزعم بأنهم تلاعبوا فعليا في جينات كائنات حية للحصول على أثر فني. سواء أجرى إدواردو كاك تعديلات وراثية على أرنب أخضر فسفوري كعمل فني أم لا، فإن المغزى واضح: يملك الفنان الحق في استخدام التلاعب الجيني لغايات جمالية معلنة.
شكل 6-2: إدواردو كاك، «ألبا، الأرنب الفسفوري».
2
في وجه هذا التحول المستمر، فإن الحصن الأيديولوجي الأعظم هو ذاتية المشاهد. منذ وقت طويل، شعر ليو ستاينبرج أن عملا تفاعليا لروبرت روشينبرج اختزله في وظيفة مفتاح كهربائي. حدث هذا قرب استهلال أعمال السبرانية التي كان لها مثل هذه النوايا تجاهنا. ومع ذلك، رغم التلاعبات الواضحة للغاية بالمشاهد، فإن طابعها المنيع وغموضها المقترن باق. يطرح بورديو سؤالا (اقتبسته في
الفصل الأول ) عن سبب وجوب تفادي الفن لجميع التفسيرات، فيقول إن السؤال عن تفسيرات «يشكل تهديدا مميتا للتظاهر الشائع للغاية (بين محبي الفن على الأقل) ومع ذلك «المختلف» للغاية عن تفكير المرء في نفسه على أنه فرد يسمو فوق الوصف، وقادر على خبرات تفوق الوصف.»
Bog aan la aqoon