Fanka Mucaasirka: Soo Koobid Kooban
الفن المعاصر: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
إن انتقاء المادة المحلية عبر النظام الفني يفرز في النهاية التماثل. هذا النظام - ليس فقط الإشراف، بل مصالح كافة الهيئات، الخاصة والعامة أيضا، التي تشكل التحالفات التي تتمحور حولها البيناليات - ينزع إلى إنتاج فن يخاطب الاهتمامات الدولية. بصورة أدق، هو يعزز القيم النيوليبرالية، لا سيما تلك الخاصة بحركة القوى العاملة والفضائل ذات الصلة بالتعددية الثقافية.
من بين الأمثلة البارزة عمل ألفريدو جار، «مليون جواز سفر فنلندي»، الذي عرضه في مهرجان الفنون الدولي إيه آر إس 95 بمتحف الفن المعاصر في هلسنكي. صنع جار نسخا معدلة على نحو طفيف لمليون جواز سفر فنلندي ونظمها في كتلة هائلة تذكرنا بالبنى التبسيطية، ووضعها خلف لوح زجاجي. كانت جوازات السفر ترمز إلى تلك الجوازات التي كان من الممكن أن تمنح إلى المهاجرين في حال سمحت الحكومة الفنلندية بالهجرة بنفس المعدل الموجود في باقي القارة الأوروبية، وبسبب إصرار سلطات الهجرة الفنلندية، دمر عمل جار في وقت لاحق.
كان هذا العمل مثالا نموذجيا للإنتاج الفني المعولم بطرق عديدة، فقد استخدم حرفيا كلا من المادة المحلية واللغة العالمية للفن المعاصر، كما استجاب للقضايا السياسية المحلية وعلق عليها. وهو في فعله ذلك انحاز لمصالح رأس المال العالمي على حساب الاهتمامات المحلية؛ إذ تمثلت رسالة العمل في أن حق الأشخاص في التوطين لا بد وأن يتجاوز أية قرارات قومية، حتى تلك التي تم التوصل إليها بطريقة ديمقراطية، وذلك لحماية التجانس والترابط الاجتماعي.
سنعود إلى هذا الموضوع مرة أخرى، وكذلك إلى التأثير المجانس للنظام الفني العالمي، لكن كي نؤكد أولا على تنوعه، نود مناقشة زوجين من الحالات المتناقضة: الأنماط المختلفة للأعمال الفنية التي خرجت نتيجة لصدمة الاحتكاك بالقوى الاقتصادية النيوليبرالية، في روسيا والدول الإسكندنافية؛ ثم الأعمال الفنية من دولتين أبقتا على الحكومات الشيوعية؛ الصين وكوبا.
روسيا والدول الإسكندنافية
إبان تسعينيات القرن العشرين، كانت روسيا والدول الإسكندنافية دولا حديثة التعرض للضغوط السوقية القصوى. في روسيا، أوعز خبراء الاقتصاد النيوليبراليون من الغرب للحكومة بأن التعرض السريع والحاد للسوق - «العلاج بالصدمة» - سيثبت أنه قاس على المدى القصير ، إلا أنه سيسفر عن ثراء سريع. أضحى عدد ضئيل من الروس فاحش الثراء، لكن النتائج على الشعب ككل كانت كارثية، مع انهيار أكثر الخدمات الأساسية، وتفشي الجريمة، وانخفاض متوسط العمر المتوقع، وانتشار الفقر المدقع على نطاق واسع.
وبدافع من هذه الكارثة، حازت الأعمال الفنية القادمة من روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة اهتماما واسعا؛ إذ قدمت شظايا الانحطاط الاجتماعي لإدخال السرور إلى قلوب الجماهير في الغرب. وأضحى «فن الواقع» فنا مطلوبا، من خلال الأفلام الوثائقية والتصوير الفوتوغرافي والفن الأدائي وفن التجهيز في الفراغ. كان تقديم مثل تلك العناصر الأولية للفن الواقعي مرتبطا بالصدمة (كما يمكن أن يتوقع المرء من وصف هال فوستر بالغ الأثر عن فن حقبة التسعينيات: «عودة الفن الواقعي»)، وعلى وجه التحديد بالأثر المسجل جماعيا للعلاج بالصدمة الاقتصادية.
صنع بوريس ميخايلوف سلسلة من الصور الفوتوغرافية التي يقدم فيها المال لأشخاص مشردين لاتخاذ وضعيات معينة وتعرية أنفسهم أمام الكاميرا، مسلطا الضوء على الاضطهاد المضمن في تقديم الجسد مقابل المال (وهو يقترب في هذه النقطة من سانتياجو سييرا الذي دفع المال أيضا لأشخاص ليفعلوا أشياء مذلة مختلفة ولتعرية أجسادهم). يحاكي بوريس ميخايلوف في صور «قريبا من الأرض» (1991) و«عند الغسق» (1993) مظهر صور أوائل القرن العشرين مصورا الحياة في شوارع أوكرانيا، ويركز مرة أخرى على العديد من قاطني الشوارع، لكنه أيضا يركز على أولئك الذين لديهم منازل لكن بالكاد يستطيعون البقاء على قيد الحياة.
شكل 2-3: بوريس ميخايلوف، «سلسلة عند الغسق».
3
Bog aan la aqoon