Families of Buraydah Dictionary
معجم أسر بريدة
Daabacaha
دار الثلوثية للنشر والتوزيع
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
Goobta Daabacaadda
الرياض - المملكة العربية السعودية
Noocyada
مُعْجم أُسَر بُريْدة
تَأليف
مُحمَّد بن نَاصِر العُبودي
الجُزء الأول
بَاب الألف
المقدمة / 1
الناشر
دار الثلوثية للنشر والتوزيع
المملكة العربية السعودية - الرياض
تليفون: ٤٥٠٧٨٣٢
فاكس: ٤٦٤٥٩٩
email: tholothia@gmail.com
المقدمة / 2
مُعْجم أُسَر بُريْدَة
المقدمة / 3
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة / 4
مقدمة الناشر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد:
فإن دار الثلوثية يسعدها أن تزف إلى عموم القراء والباحثين هذا السفر الضخم الذي طال انتظاره من قبل أعداد لا حصر لها من الدارسين والمهتمين "معجم أسر بريدة" الذي يعد أكبر معاجم أسر القصيم التي عكف على تدوينها ودراستها والعناية بأوراقها ووثائقها العلامة الموسوعي صاحب المعالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي - حفظه الله.
إنني أعتبر بحق هذا الكتاب من أبرز المشروعات العلمية الكبرى لشيخنا "حفظه الله"، التي بدأها شيخنا منذ سنوات عديدة، وما زال يضيف اللبنة إلى اللبنة حتى تكامل هذا الصرح الشامخ من الرصد والتوثيق والبحث عن المعلومات التي حفظتها صدور الرجال ومجالسهم ووثائقهم بعزيمة الباحث المتفرغ.
ولقد أجاب صاحب المعالي الشيخ في مقدمة هذا الكتاب عن سؤال طرح مرارًا، وهو سبب تأخر صدوره، فعزا ذلك إلى ظروفه العملية ورحلاته الخارجية وعدم تواصل بعض الأسر في المعلومات، إضافة إلى ضخامة العمل وسعته.
ومع هذا التأخر في الصدور، فإني أعده وقد طبع اليوم موسوعة علمية حوت استعراضًا دقيقًا لما يتمتع به صاحب المعالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي من قدرات تاريخية وتحليلية نقدية، فقد نقل وناقش واعترض ووافق في مناظرات علمية جادة تتحرى الصواب، وتتلمس الحق والحقيقة.
المقدمة / 5
وأسلوبه في كتابه هذا - وفي غيره - أسلوب علمي راق بعيد عن الإسفاف والتجريح، يطارد المعلومة ويسائلها ويحلل أبعادها، ويحاور النص والوثيقة قدر ما يسعفه النظر والتأمل، حتى أصبح هذا الكتاب فتحًا علميًا في جانب غفل عنه كثير من الباحثين، وهو علم الوثائق وفن قراءتها وتحليلها، وطرائق الاستفادة منها، وذلك انطلاقا من أنها مصدر رئيس ومنهل عظيم الأهمية في التأريخ لهذه البلاد، وخاصة لمنطقة نجد، حيث تغيب المعلومة التاريخية، وتندر الكتابة التي يعتمد عليها المؤلف، فلا يغدو بين أيدي الباحثين إلا استثمار الوسائل الرديفة لتحقيق المعلومة، ومعرفة الأسماء والتواريخ والأحداث والأملاك والوصايا والآراء والمواقف، وهو ما تميز به المؤلف الشيخ محمد بن ناصر العبودي ورعاه، وهو ما يدعوني هنا إلى أن أتمنى عليه أن يفرد تجربته هذه مع الوثائق والمكاتبات والرسائل في كتاب يتأمل فيه هذا العلم، ويترك للباحثين سبيلًا لقراءة وثائق مناطقهم ومدنهم في المملكة وغيرها، كما أني أرشد الباحثين وطلاب الدراسات العليا إلى أن ينهلوا من هذا الكتاب بشكله العام، وأن يعطوا الوثيقة عناية خاصة، إذ إن المؤلف - أثابه الله - قد جمع ورصد وحلل ما لا يوجد في مصدر آخر بتاتًا، فهو الكنز الذي يكشف لأول مرة في تاريخنا المحلي، ومنه نستطيع أن نكتشف طبيعة النمو الحضاري والثقافي الذي شهدته هذه البلاد، حيث نجد في هذا المعجم ما يعطي الدرس الكبير في الاستئناس بنعمة الله الكبيرة على أجيالنا المعاصرة، ويدفعنا إلى شكر المنعم والثناء عليه بما هو أهله جل وعز.
كما يكشف لنا هذا المعجم ما تكتنزه ذاكرة مؤلفه القوية ومعلوماته الثرية بما يتصل بأسر هذه البلاد ورجالها ونسائها، ومواقفهم، وآثارهم العلمية،
المقدمة / 6
ورؤاهم في الحياة، ومواقفهم من الآخرين، وخاصة ما يتصل بتاريخ مدينة بريدة عاصمة القصيم.
وإذا كانت المعلومات الدقيقة الكثيرة الغزيرة التي جمعت في هذا الكتاب مهمة؛ فإن الأهم أيضًا هو ذلك المنهج والفتح المهم الذي درج عليه في إيراده للوثائق وشرحه لمدلولات ألفاظها وعباراتها وتجميع قصاصاتها المتمزقة والمتفرقة في جهد بحثي فريد.
وإذا كانت البهجة تطوق مباسم الكثيرين في خروج هذا المعجم الكبير إلى حيز الوجود؛ فإن الأمل أن يكون في إصداره تحفيز للهمم وشحذ العزائم في العناية بتلك المعلومات الرائدة في الكتاب وحملها على محامل حسنة بعيدًا عن الخوض في النيات وإثارة النعرات، وأن يعني الباحثون في استخراج دراسات جادة تتناول الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والشرعية في تلك الوثائق المشتملة على مبايعات ومداينات ووصايا وأوقاف ومراسلات وإخوانيات.
كما أبان المؤلف في هذا السفر الكبير وبتفصيل دقيق وعناية تحقيقية فائقة الحراك العلمي والثقافي والفكري والأدبي الموجود في بريدة منذ مئات السنين واستعرض الكتب والمقالات وزف الشعر بشقيه الفصيح والعامي، ليعيش القارئ في هذه المجلدات الحافلة في حديقة غناء مملوءة بالمفيد والسديد.
لقد وقفت خلال السنوات الماضية وعن قرب شديد على الجهد العظيم والوقت الطويل الذي يقضيه شيخنا في قراءة الوثائق وتحليلها ومخاطبة الأسر ومهاتفتهم ومطالبته بتزويده بما لديهم من أوراق ووثائق.
وكنت ألحظ عليه مدى العناء والمشقة التي تحملها في سبيل إخراج هذا الكتاب إلى القراء في أبهى حلة وأجمل صورة ليفي بوعده لقرائه ومريديه ومحبيه،
المقدمة / 7
ونحن نعلم أن هذا المعجم هو أحد فرائد الشيخ ومشاريعه الرئيسة في التأليف، ولذلك نجده يشير إليه في أوائل مؤلفاته، كمعجم بلاد القصيم الخاصة بجغرافيتها، وفي غيره من الكتب، وذلك يدل على الإيمان العظيم بهذه الرؤية في طريقة التأليف، خاصة إذا تذكرنا أن للشيخ للمؤلف منهجًا فريدًا في التأليف.
وإذا كان معدودًا من المكثرين في التأليف على مستوى العالم، فإني ألفت الأنظار هنا إلى أن الشيخ المؤلف له ريادات في التأليف، وله رؤي ومشاريع تخصه لا يشاركه فيها إلا القليل من الباحثين، وذلك كالتأليف في المعاجم البلدانية والجغرافية واللغوية وغيرها، بالإضافة إلى ما عرف واشتهر عنه من أنه الرحالة الذي طوف آفاق الأرض زيارة وكتابة عنها، وما زلت أتذكر الاحتفاء الكبير الذي يجده - حفظه الله - من كبار الباحثين على مستوى العالم من المهتمين بالرحلة بطريقته في التحقيق.
إنني على يقين تام أنني لن أستطيع تقديم تفصيل دقيق عن رحلة صاحب المعالي شيخنا محمد العبودي مع هذا المشروع العلمي الكبير التي تجاوزت سنين عديدة، إلا أنني أستطيع أن أؤكد وأجزم بأن هذا الكتاب أوسط العقد لمنطقة القصيم التي بدأها بالمعجم الجغرافي وجاء "معجم أسر بريدة"، الذي سيكون بداية التأليف في المعاجم الخاصة بنواحي القصيم الأخرى.
كما يلحظ القارئ الأسلوب السهل الذي قدم به كتابه بعيدا عن الكلفة الأدبية واللغوية مركزًا على الغاية من هذا الكتاب وهو تاريخ الأسر ووثائقها، وهذا يتسم مع الهدف العام للكتاب، وهو تقديمه لجمهور القراء والباحثين على اختلاف مستوياتهم، فهو كتاب يرصد ثقافة الناس ومعارفهم، وحين خلت الساحة من هذا المشروع الضخم فترة طويلة، وجب أن يأتي على هذه الشاكلة في قربه من
المقدمة / 8
الناس، ومداخلته لهمومهم وأفكارهم، مما يحقق مجالا واسعا ليستفيد منه الجميع، وليفتح للباحثين مجالات رحبة من التأليف والتحليل والقراءة والرصد.
كما يتضح في المعجم مهارات الشيخ وقدراته العالية في معرفة الأشخاص والأعيان والأعلام والرجال والنساء، بل أفرد أبوابًا خاصة عن كثير من النساء البارزات ووصاياهن ووثائقهن في بادرة جديدة للمرأة تحسب للمؤلف الشيخ محمد العبودي، وهو مجال ضخم يستطيع الجاد من الباحثين أن يتابع ما رصده الشيخ ليكون كتابًا ضخمًا في هذا الباب، فضلًا لمن أراد أن يزداد في القراءة وجمع المثيل إلى مثيله.
بل يستخلص القاري القدرة العلمية التي وهبها الله للشيخ في التمييز بين الأسر المتشابهة والأسماء المتطابقة وفرز ذلك في مواقعه ورسومه في الكتاب.
وختامًا فإن العلامة العبودي "متعه الله بالصحة والعافية" يقدم رمزًا واضحًا للعالم الموسوعي، وسيجد القارئ في الكتاب لمسات لغوية وأخرى أدبية ولمحات تاريخية وفكرية تبين بجلاء ووضوح المواهب والقدرات والإمكانات التي وهبها الله للشيخ محمد العبودي، حتى عُدَّ بلا جدل من أبرز المؤلفين العرب والمسلمين وحقق أرقامًا قياسية في عدد المؤلفات وتنوعها وتميزها، وقد نفد عدد كبير منها، وما زالت الطلبات تترى عليه، وعلينا في الدار بطباعة عدد كبير منها، وما زال الشيخ يعد بكتب أخرى عكف عليها السنين الطوال، وهو ما يدفعنا لتقديمه أنموذجًا جادا للمؤلف الجاد صاحب المشروع العلمي المتميز الذي ظل طوال مراحل حياته العلمية والعملية وهو يتابعه ويتعهده.
ويبقى جهده في هذا المعجم معروضًا أمام الباحثين والدارسين والمهتمين والراصدين ليكون في متناولهم للبحث وإبداء وجهات النظر، ويبقى أن مثل هذا
المقدمة / 9
المشروع بتنوع موضوعاته وتفرده في بابه واختلاف وجهات النظر فيه سيكون من الكتب الخالدة بإذن الله، وسيحفظ التاريخ لمؤلفه هذا الجهد الكبير الذي خدم به أمته ووطنه ومنطقته ومشايخه وتاريخهم وثقافتهم، ولاشك أنه سيشغل كثيرين ممن سيتابعون ويطالعون هذا المعجم، وسيجدون العلم الكبير والتحليل النادر، وقد يجدون ما يختلفون معه، وهذه طبيعة المشاريع العلمية الكبيرة التي تحتمل وجهات النظر المتعددة.
وسنكون سعداء في دار الثلوثية إن شاء الله في هذا الحراك العلمي الذي يقوده شيخنا "حفظه الله".
أسأل الله أن يبارك في عمر شيخنا وأن يمده بعون منه وتوفيق ليكمل بقية معاجم أسر القصيم ومشاريعه العلمية الأخرى التي قضى جزءًا كبيرًا من عمره ووقته في تدوينها وأمل تحقيقها ليتلقاها محبوه والعارفون بعلمه وفضله.
كتبه
محمد بن عبدالله المشوح
المقدمة / 10
مُعْجم أسَر بريْدَة
تَأليف
مُحمَّد بن نَاصِر العُبودي
الجزء الأول
بَاب الألف
1 / 1
الناشر
دار الثلوثية للنشر والتوزيع
المملكة العربية السعودية - الرياض
تليفون: ٤٥٠٧٨٣٢
فاكس: ٤٦٤٥٩٩٩
email: tholothia@gmail.com
1 / 2
مقدمة المؤلف
1 / 3
مقدمة معجم أسر القصيم:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فهذا كتاب يتضمن الحديث عن الأسر التي تسكن في منطقة القصيم في هذا العهد.
كانت الفكرة الأولى لتأليفه قد انبعثت من تأليف كتابي: (معجم بلاد القصيم) الذي طبع في ستة مجلدات.
فكنت قد أزمعت أن أتكلم على كبار الأسر التي تقطن في البلد الذي أتكلم عليه من بلدان القصيم في المعجم غير أن معجم بلدان القصيم قد بلغ حجمًا جعله لا يقبل الزيادة، إذ ما عسى أن يكون حجم كتاب في ستة مجلدات، إذا أضيف إليه كتاب في مثل حجمه، أو فيما يقارب ذلك؟
إضافة إلى أن الحديث عن الأسر وأنسابها وأصولها وفروعها، وتراجم الشخصيات التي تستحق الترجمة منها، مما يقتضي تحقيقه والتحقق من ذلك وقتًا طويلًا قد يؤخر إصدار معجم بلاد القصيم.
لذلك رأيت تجريد معجم البلدان من هذا الموضوع وتخصيص كتاب آخر لما يتعلق بالأسر وهو هذا، وأسميته: (معجم أسر أهل القصيم).
قد يقول قائل، أو يتساءل متسائل: ماذا يستطيع مؤلف أن يقدمه في هذا الموضوع الذي لا يوجد فيه مرجع مكتوب لا من كتاب مخطوط ولا مطبوع إلَّا نتفًا هي إلى الإخلال والغموض أقرب منها إلى الاستيعاب والوضوح؟
1 / 5
لاسيما في منطقة مثل منطقتنا كان أكثر العلماء فيها يرون الاشتغال بالتاريخ والشعر والأدب الذي لا يتصل بسبب وثيق بأمور الدين حسب تقديرهم من لغو القول، بل من حشوه الذي يشغل عن العلم الصحيح علم أصول الدين وفروعه، وبعضهم يكره الكلام فيه لأنه يتصل بالحديث عن أحوال الناس التي يفهم منها هو أنها من أعراضهم المنهي عن الكلام فيها.
ثم إنَّ هناك شيئًا مهما آخر وهو أن أكثر الناس من العامة إذا طلب المرء منهم أن يحدثوه عما يتصل بأسرهم أو أخبارهم نظروا إليه شزرًا، وربما ظن بعضهم به شرًّا، إذ يسأل الواحد منهم نفسه عما يكون وراء ذلك السؤال، فإذا لم يرد سائله بصريح المقال فإنه قد يقول له بلسان الحال: مالك ولهذه الأمور التي هي من شأننا وحدنا؟ ونحن مثلما أننا لا نهتم بأمور الناس فإن الناس لا يهتمون بأمورنا.
وقد يقول قولًا آخر: وهو ماذا يستفيد الناس من هذا الأمر؟ وما الذي يفيدنا نحن منه؟ وقد يقول ما هو أبعد من ذلك: ماذا عسى أن يكون مراد هذا السائل؟ ألا يخشى أن يتخذ ما يعرفه من أمورنا سلمًا للقدح فينا؟
وتلك قولة قالها أو قال أختًا لها أخ له من قبل، عندما أقدمت على البدء في تأليف كتاب "معجم بلاد القصيم" فكان جوابي عليه في ذلك الحين: إننا إذا كتبنا شيئًا من لا شيء كان ذلك خيرًا من أن نضيف لا شيء إلى لا شيء، إذا كان السلب يصح أن يكون إضافة.
أما بعد أن خرج كتاب (معجم بلاد القصيم) إلى حيز الوجود، فإنني لا أحتاج إلى أن أجيبه بغير أن أقدم له نسخة منه وأدعه يحكم عليه بنفسه.
واليوم أجدني في مقام أنا أحوج فيه إلى أن أمرر ذلك على مسامعه أو مسامع أخيه في القول فأقول: إننا إذا كتبنا شيئًا في معجم الأسر فإنه خير من
1 / 6
لا شيء، أما إذا وفقنا إلى أن نكتب شيئا له قيمته، فإن ذلك هو ما نصبو إليه، وأما بلوغ الغاية في التأليف، فإنني لا أصبو إليه في مبدأ التأليف، وخاصة إذا كان الموضوع غير مطروق والكتاب بكرًا في بابه.
فلبنة أو لبنات تضعها أنت تكون صالحة لأن يأتي بعدك غيرك فيضع فوقها لبنات أخرى، ويأتي آخر فيضيف إلى تلك اللبنات غيرها مثلها، حتى يكتمل بناء الصرح المطلوب من المعلومات، تعتبر إسهامًا منك في بناء هذا الصرح
هذا هو ما حفزني على الإقدام على التأليف في هذا الموضوع لاسيما بعد أن ذكرت ذلك لقراء "معجم بلاد القصيم"، فأصبح بمثابة الوعد اللازم الإنجاز أو الدَّين الواجب الوفاء.
وحتى لو لم يكن ذلك كذلك فإنه لمن ضريبة الكتابة على من يجدون في أنفسهم الأهلية للكتابة أن يسهموا بأقلامهم في حفظ معلومات على وشك أن تضيع، بل هو في الحقيقة إنقاذ لها من التلاشي، وذلك بأن جيلنا الذي عاصر عهدًا مضى، ولحق بعهد حاضر ورأى الفرق بين العهدين يكاد يكون في بعض الميادين الفرق بين النقيضين لهو جدير بأن يكون تسجيله لها أدق، ورأيه في الفرق بينهما أصوب.
وقد حرصت على تسجيل الآثار الشعرية للمترجمين في هذا الكتاب، وإن كان بعضها ليس من الجودة بالمكان الذي أراه.
ذلك بأنني هنا مسجل ولست منتقيًا، فتسجيل الأشعار هنا مثل تسجيل الأخبار، التي قد يوافق المرء على ما سجله منها، وربما لا يوافق، ولكنه يسجلها من باب العلم بها، والإطلاع على مدلولاتها، وبغية أن يجد من يأتي بعده يريد أن يبحث فيها وفي دلالاتها بعض ما يبغي ويريد.
1 / 7
وذلك على أية حال ربما يوضح العقلية التي كانت سائدة عندنا في تلك الأخبار أو من يقبلونها ويروجونها.
ونظرًا إلى أن الأمية كانت فاشية خلال أكثر العصور التي نسجل فيها حيوات أهل القصيم أو بعض تلك العصور فإن من الطبيعي أن تكون الأشعار العامية أغلب عند أهلها من الأشعار الفصيحة، وذلك لأن الشعر فيض الشعور واللغة أداة التعبير عنه، واللغة العامية هي التي لا يحسن أكثرهم غيرها، ولا يملكون من زمام القول وتصريفه إلَّا ما كان منها.
أما اللغة الفصحى فهم لا يفهمونها حق الفهم، أو لا يعلمون مجازاتها ومناحي القول فيها حق العلم، ولو علموا ذلك وأتقنوه لما استطاعوا أن يتيقنوا أنهم إذا قالوا ما كانوا يريدون أن يقولوه باللغة الفصحى يكون مفهومًا للعامة حق الفهم، ومعلومًا لديهم كل العلم.
فلا يكون أمامهم - والحالة هذه - سواء أكان ذلك عن روية وتفكير أو عفو الخاطر من دون تدبير أو تقدير، إلَّا نظم الشعر باللغة العامية.
والشعر كما هو ديوان العرب في الفصحى يسجلون فيه مفاخرهم ومثالب أعدائهم ومخالفيهم، فإن الشعر العامي مثل ذلك تمامًا عند من يفهمه حق الفهم، ويهضمه فكره كل الهضم.
وهو أدل على ما ذكرناه وعلى غيره مما يدل عليه الشعر بأية لغة من اللغات من الشعر الفصيح الذي لا يأتي عفو الخاطر، ولا يولد ابنًا للسليقة، وإنما يتعلمه ناطقه تعلمًا، وقد ينظمه تكلفًا.
لذلك كان تسجيل الشعر العامي وهو الشعر الوحيد لدى أكثرهم أمرًا لازمًا لمن يريد أن يسجل الحركة العقلية لدى الذين يترجم لهم من العوام وأشباه العوام.
1 / 8
على أن هذا لا يمنع من أنني أسجل الشعر الفصيح إذا وجد، حتى وإن لم يكن على المستوى الذي أعتقد أنه يجب أن يكون الشعر الجيد عليه.
فلو لم يكن في تسجيل مثل هذه الأشعار إلَّا بيان حالة الشعر في تلك الفترة على ألسنة أولئك القوم الذين أترجم لهم لكان ذلك مبررًا كافيًا.
على أن الذي أبعدت نفسي عنه، وأرجو أن أبرأها لدى القارئ منه هو أنني لا أستمع إلى القول فأتبع أسوأه، فلا أترك الجيد وأختار الردئ بل العكس هو الصحيح إلَّا عندما يكون شعر شاعر كله من النوع الذي أعتبره رديئًا فإنني أختار الرد على الأردأ مضطرًا.
أما ترتيب الأسر المتماثلة الأسماء فإنني لا اتبع فيه طريقة معينة، فليس التقديم بالأفضلية بالنسب أي لمجرد كون الأسرة محفوظة النسب إلى قبيلة عربية يثبت لها في حد ذاته وبدون أية مزية أخرى التقديم على غيرها في الذكر.
فإذا ذكرت - مثلًا - أسرة وتكلمت عليها ثم ذكرت بعدها أسرة أخرى تماثلها في التسمية - وقلت عنها: أسرة أخرى فإنه ليس معنى هذا أنها أقل قدرًا من الأولى عندي أو عند من نقلت عنه خبرها، وإنما ذلك يكون لأحد أمرين هما: كوني بدأت بكتابة الأسرة الأولى قبل كتابة الأسرة الثانية والثالثة، إن وجدت، أو لكون الأسرة الأولى أكبر شهرة، أو أكثر عددًا في الأفراد، وإنما قولي عن التي تليها أسرة أخرى فهو لبيان التمييز بين الأسرتين من ناحية، ولكي استغني عن ضبط هذا الاسم المماثل وتكرر شرح اشتقاقه من ناحية أخرى.
وكذلك ما يتعلق بالأسر الأخرى التي تكون من بلدين أو أكثر من بلدين ويجمع بينها اسم واحد، فإذا كانت هناك أسرة تسمى مثلًا (الغانم) في بلد أو قرية، وأخرى تسمى بالاسم نفسه في بريدة - مثلًا - وثالثة في قرية أخرى .. الخ، فإنني لا ألتزم بذكر التي من بريدة أولًا على اعتبار أن بريدة أكبر من
1 / 9
غيرها في الوقت الحاضر أو لكونها قاعدة منطقة القصيم.
وذلك لأنني لا أقول بفضل أهل مدينة، أو قرية على أخرى في هذا الأمر، أو بأحقية قرية بالتقديم قبل القرى الأخرى، وإنما التقديم عندي يكون إما بالشهرة وكثرة الأفراد، أو محض مصادفة مبنية على كوني كتبت عن أسرة قبل أخرى بسب توفر المعلومات عنها عندي أكثر من التي تليها.
وهذا النوع من التأليف غير معروف في بلادنا.
ولذلك يمكن القول بأن هذا الكتاب هو الأول من نوعه في نجد، إن لم نقل في جزيرة العرب.
وحتى في البلدان العربية الأخرى خارج الجزيرة العربية، لم أقف على مثله في الطريقة والأسلوب وشموله لكافة الأسر التي تسكن في المنطقة.
وإنما كان المألوف هو التأليف في كتب الأنساب لذلك كان عدد من الناس يسألونني عنه قائلين:
ما فعل كتاب الأنساب؟
فأصحح كلامهم قائلًا لهم:
إنه ليس كتاب أنساب، وإنما هو كتاب في بيان الأسر القصيمية، وتسجيل الطائفة من المعلومات المتعلقة بها.
وما فيه من ذكر الأنساب إنما هو جزء من تلك المعلومات سبيله في الذكر سبيل المعلومات الأخرى.
وآخرون وبخاصة من طلبة العلم يسألونني على سبيل الرثاء والشفقة قائلين:
كيف تفعل بالأسر التي ليس لها أنساب عربية محفوظة؟
وكيف خلاصك من ذكر أسَر أنسابها ضائعة؟
1 / 10
وماذا تفعل لبني فلان الذي ينتسبون إلى بني فلان ويعرف ذوو النظر أن نسبتهم تلك غير صحيحة؟
حتى بالنسبة إلى الأسر المحفوظة الأنساب والتي لم يتكلم متكلم في أنسابها ولكن الأخبار المؤكدة والتفصيلات التي تبين أنسابهم غير معروفة لأنهم لم يكونوا يهتمون بذلك، لغلبة الأمية عليهم، أو لعدم وجود مؤرخ في منطقتهم وهو أمر كان هو الأصل الغالب في هذه المنطقة.
وبعضهم يسأل أسئلة كثيرة من هذا القبيل، أو ما كان قريبًا منه.
فأجيبهم: بأن هذا الكتاب ليس كتاب أنساب يركز بحثه على أنساب الناس وبخاصة من كانوا ذوي أنساب عربية محفوظة.
وإنما هو كتاب في أحوال الأسر القصيمية وذكر الأنساب فيها على اعتبار أنها من المعلومات عن تلك الأسر.
لذلك تجدني لا أجد صعوبة حينما أمر بذكر أسرة ليس لها نسب محفوظ إلى قبيلة عربية أو بذكر أسرة لها نسب معروف لغير العرب، أو بذكر أسرة تزعم لنفسها نسبًا في القبائل العربية والعارفون بالأمر لا يقرونها على ذلك.
فالأمر في هذا الموضوع مثل الأمور الأخرى المتعلقة بأحوال الأسر، ما وصل إليَّ منها أثبته، وما لم أعرفه ضربت صفحًا عنه.
إلَّا ما كان من قبيل المثالب والعيوب فإنني لا أتبعه ولو بلغني، فكتب المثالب والمعائب كانت موجودة في القديم، ونقل عنها المؤرخون والكاتبون في التراجم إبان ازدهار الحضارة العربية في العصر العباسي، ولكن لو كان لنا من الأمر شيء من تلك الأمور في سالف العصور لما تركناهم يكتبون مثل ذلك، لأنه تبين من الدراسة أن بعض المعائب والمثالب إنما هي تشنيع وتجريح ليس منه شيء صحيح، وحتى لو كان صحيحًا، فإن ذكر الصحيح من المزايا والمناقب يكفي عنه، وهو أصلح إلى أن يكون بديلًا منه.
1 / 11