Falsafada Taariikhda ee Vico
فلسفة التاريخ عند فيكو
Noocyada
هكذا ميز فيكو بدقة بالغة بين الحقيقة التي نحصل عليها من الرياضيات والحقيقة التي تخص العلوم التجريبية كالطبيعة؛ فالطبيعة بالضرورة أقل يقينا من الرياضيات لأن الطبيعة من صنع الله؛ ولهذا فهو وحده القادر على معرفتها معرفة تامة. ويرى الأستاذ إميل برييه في كتابه تاريخ الفلسفة أن الفكرة الواضحة في نظر فيكو هامة بدون شك ولكنها محدودة، وهي تصور خاص بالرياضيات والمفاهيم الذهنية المجردة، ولكنه يعود في موضع آخر فيؤكد أن الوضوح والتميز رذيلة وآفة للعقل البشري أكثر منه فضيلة، وأن الفكرة الواضحة فكرة محدودة وقاصرة، إن إحساسي بالألم على سبيل المثال إدراك لا أعرف شكله ولا حدوده، والإدراك اللامتناهي يشهد على عظمة الطبيعة البشرية، هذا الجانب الغامض اللامتناهي من الطبيعة الذي يدركه كل المؤرخين والشعراء بالحدس والذي يفسر حياة الإنسان الدينية والسياسية والأخلاقية هو موضوع فيكو في كتابه «العلم الجديد في الطبيعة المشتركة للأمم».
18
ويرى كل من
Bergin, Fisch
في مقدمتهما لكتاب فيكو «مناهج الدراسة في عصرنا» أن نقد فيكو للديكارتية ينحصر في النقاط التالية: (1) إنكار قدرة المنهج الذي عرضه ديكارت في المقال على الكشف والاختراع. (2) اتهام هذا المنهج بأنه أحادي الجانب أي أنه يهتم بجانب واحد في الإنسان وهو العقل. (3) تأكيد فيكو أن المنهج التأليفي متفوق على المنهج التحليلي ورفضه أن ترد الفيزياء بل والفسيولوجيا والكونيات إلى الرياضيات، والهدف من هذا كله تأكيد أن الإنسان شخصية متكاملة، وأنه ليس عقلا فحسب بل خيال وانفعال وعاطفة؛ فنقد فيكو لديكارت يقوم على تأكيد البعد التاريخي والاجتماعي للإنسان. ولعل أصالة فيكو تكمن في هذه النقطة، وهذا ما وضحه فيكو في الفصل الخامس من «مناهج الدراسة في عصرنا».
19
وينتهي فيكو من نقده لنظرية المعرفة الديكارتية إلى أن دراسة التاريخ تختلف عن دراسة الرياضيات والطبيعة؛ فالفلسفة الديكارتية تقف عقبة في سبيل البحث التاريخي نظرا لإغفال ديكارت دور التجربة، والقول بفطرية الأفكار الواضحة يعزلنا عن الواقع. فكيف نطبق ذلك على التاريخ؟ هل نتصور أفكارا ثم نزعم أن هكذا كان مجرى التاريخ؟
20
إن فكرة موضوع التاريخ قد تبلورت لأول مرة لدى فيكو في نظرته إلى العملية التاريخية بوصفها عملية تمكن الإنسان من ابتكار النظريات الخاصة باللغة والعادات والقانون والحكومة، أي أنه ينظر إلى التاريخ بوصفه نشأة الجماعات الإنسانية وأنظمتها وتطورها، لقد خلق الإنسان صرح الحياة الاجتماعية من العدم؛ لهذا كانت كل صغيرة أو كبيرة في هذا الصرح عملا من أعمال الإنسان يعرفه العقل على حقيقته حق المعرفة. (4-2) موقف فيكو من أصحاب نظريات القانون الطبيعي
على الرغم من أن فيكو كتب ونشر في القرن الثامن عشر إلا أن طفولته كانت في القرن السابع عشر، هذا القرن الذي تميز بالنزعة العقلية والعلمية وبناء المذاهب الفلسفية الشامخة، وقد ساعدت البيئة الثقافية التي عاش فيها فيكو على إثارة طموحه لإيجاد علم جديد للمجتمع البشري يؤدي لعالم الأمم ما أداه جاليليو ونيوتن لعالم الطبيعة.
Bog aan la aqoon