186

Falsafada Karl Buber

فلسفة كارل بوبر: منهج العلم … منطق العلم

Noocyada

ولكن لما كنا قد تيقنا - في العلم الحديث - من أن فكرة الغائية وفكرة الحتمية خرافتان، وجب أن نتيقن أكثر من أن الاستقراء خرافة.

ورغم أننا استخلصنا من رأي جول لاشيليه تعضيدا لبوبر، فإن هذا الرأي ليس سليما تماما؛ فالباحثون لم يتمسكوا بخرافة الاستقراء على أساس العلية والغائية، بل على أساس تاريخي محض، مؤاده أنهم أرادوا العزوف عن التجريد والتفكير النظري العقيم الذي ساد حتى القرن السادس عشر، وأرادوا الانقلاب على أسلوب التفكير الذي يبدأ من التسليم بمقدمة كلية، ثم استخدام العقل الخالص في الأقيسة الأرسطية التي تستنبط منها ما يلزم عنها، وكأن الوجود لا يحوي إلا محتويات الكتب والصحائف، وليس في طبيعة متأججة حية، وكيف يكون الانقلاب؟ يكون بالسير في الطريق العكسي تماما، حتى قيل: إن «البدء بالملاحظة كان الأساس العام للثورة على المنطق القديم.»

39

إنه رد الفعل المساوي في المقدار والمعاكس في الاتجاه، والذي جعل تطرف العصر الوسيط في المنهج العقلي الخالص - أي الاستنباط - يتمخض عنه تطرف العصر الحديث في المنهج التجريبي الخالص - أي الاستقراء - الملاحظة ثم التعميم، فأصبح استقراء وقائع التجريب هو نقطة البدء والطريق إلى كل كسب معرفي جديد.

40 ⋆

ولما كان التجريب هو سر تقدم العلم ولا جدال ... أعمت الرغبة في الثورة على منطق أرسطو بصيرة الباحثين، فراحوا يؤكدون أن الملاحظة هي نقطة البدء في البحث، وأساس مساره حتى نصل إلى نتيجة، غير مبالين بما أوضحه هيوم، وحينما نشأت فلسفة العلم الطبيعي تسلمت أسسها من تراث الفكر الإبستمولوجي التجريبي، ولما كان تراثا مثقلا بهذا، شاع فيها الخطأ الكبير، خطأ اعتبار الاستقراء مرادفا للمنهج التجريبي، ومقابلا تماما للاستنباط، منهج العلوم الصورية، حقا أن فلسفة العلم الطبيعي، بتطورها الحالي تسلم بأن الاستقراء ليس هو المنهج المتبع في العوم البحتة، وأن منهجها هو المنهج الفرضي الاستنباطي، غير أن هذه النظرة لم تصف بعد، وما زالت الأشباح الاستقرائية تحل بمنطقة أو بأخرى من فلسفة العلم مثل العلوم الوصفية أو التمهيدية أو المراحل التاريخية السابقة للعلوم البحتة، أو بخطوة أو بأخرى من خطوات المنهج الفرضي الاستنباطي.

ولكي نستأصل شأفة الاستقراء تماما، لا بد من الانتباه إلى أن ما نعنيه به هو: منهج البدء بالملاحظة، والمصطلح - شأن معظم المصطلحات الفلسفية - ليس قاطعا جامعا مانعا، بل وإن «البحث عن معنى لمصطلح «الاستقراء» كان ملهاة فلسفية لأكثر من مائة عام، وكان صمويل نايل

Sammuel Niel

يرى أن الاستقراء محصور في عملية اختبار الحدس الافتراضي العلمي المسبق، وهذا نفس ما عناه بيرس حين قال: إنه يسمي عملية اختبار الفروض بواسطة التجارب؛ بالاستقراء.»

41 ،

Bog aan la aqoon