Falsafat Cilm
فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية
Noocyada
وإذ عني التنويريون بترسيم المراحل المنقضية من هذا الطريق، مثلا مراحل التاريخ عند فيكو
G. B. Vico (1668-1744م)، وعند تورجو
A. R. Turgot (1727-1781م) ومخطط «كوندرسيه»
J. A. Condorcet (1743-1794م) التاريخي لتقدم العقل البشري ... فقد بدت المراحل المنقضية عقبات كئود ظفر العقل البشري بالتحرر من ربقتها، وإذا كان ثمة تاريخ منقض لماضي العلم فلن يعدو أن يكون سجلا لإزاحة الجهل، فهل نوليه اهتماما؟! وهل تناط به أدوار أبستمولوجية؟! بالطبع كلا! هكذا تراجعت أهمية تاريخ العلم.
وهذا الميراث العقلاني التنويري في القرن الثامن عشر حملته باقتدار وامتياز فلسفة العلم حين نشأت في القرن التاسع عشر، ومن ثم سيطر على فلسفة العلم آنذاك، وحتى أواسط القرن العشرين، الاقتصار على النسق العلمي كمنجز راهن تطرد كشوفه ويتوالى تقدمه؛ ليغدو تاريخه مسألة شاحبة غير ذات صلة بالموضوع.
على العموم، تم تجاوز هذه المرحلة الآن، وحدث اندماج واقتران حقيقي وحميم بين فلسفة العلم وتاريخه، وسوف نرى أن هذا حدث أساسا كتطور ونماء لفلسفة العلم ذاتها، وبفضل جمع من كبار فلاسفتها لا سيما في الثلث الأخير من القرن العشرين، فيما يحق اعتباره ظفرا للعقل الفلسفي، ولكن لا يمكن أن نفصل هذا تماما عن إنجاز آخر تميز به القرن العشرون، ألا وهو أنه قد شهد أخيرا نضج مبحث تاريخ العلم «إذ لم يكتمل الاعتراف به كمبحث أكاديمي يتفرغ له دارسون متخصصون إلا في عام 1950م فقط، حين بدأ ذلك في بعض الجامعات الأمريكية»،
1
التي أنشأت لأول مرة أقساما مستقلة لتاريخ العلم، وليس فقط كراسي لأساتذته.
وما دام العلم ظاهرة إنسانية تنمو وتتدفق في سياق الحضارة الإنسانية وبفعل الإنسان، فلا بد وأن نسلم بقيمة تاريخ العلم في النظرة الفلسفية للعلم، وأنه فرع مهم من فروع المعرفة؛ لذلك يجمل بنا أن نلقي نظرة على تشكل مبحث تاريخ العلم ونمائه ونضجه الذي يحسب للقرن العشرين، بعبارة موجزة، نلقي نظرة على تاريخ «تاريخ العلم».
ثانيا: تاريخ العلم يتقدم في القرن العشرين
Bog aan la aqoon