205

Falsafat Cilm

فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية

Noocyada

وكلما كانت النتائج المستنبطة أبعد، كلما كانت أهم، ليس هناك عالم يبلغ من السذاجة حدا بحيث يضع نظرية يمكن اكتشاف الخطأ فيها هي ذاتها، في صميم منطوقها، أو في نتائجها القريبة، وكلما كانت النتائج المستنبطة أبعد، كلما كانت أهم، ليس هناك عالم يبلغ من السذاجة حدا بحيث يضع نظرية يمكن اكتشاف الخطأ فيها هي ذاتها، في صميم منطوقها، أو في نتائجها القريبة.

ومهما كانت نتيجة الاختبار، فلا بد وأن العالم قد تعلم منها شيئا، فإذا فشل الاختبار، واجتازته المحاولة، فقد عرف الباحث الكثير ، عرف أن حله هو الأكثر ملاءمة، وهو أفضل ما لدينا حتى الآن، وأنه هو الذي ينبغي الأخذ به. أما إذا نجح النقد وفند النظرية، فقد عرف الباحث الكثير أيضا، عرف لماذا أخطأ، فيلم بالمشكلة أكثر، وربما فشلت النظرية في حل المشكلة المطروحة للبحث، ولكنها قد تنجح في حل مشكلة بديلة، وقد تعطي شحنة تقدمية أكثر مما لو كانت المشكلة الأصلية قد حلت، وحتى وإن لم تحل، لا المشكلة الأصلية، ولا أية مشكلة بديلة، فإن العالم يجب أن يهتم أيضا بالتكذيب في حد ذاته؛ لأن اكتشاف كذب نظرية يعني اكتشاف صدق نقيضها، وإن كان نفي النظرية التفسيرية ليس بدوره نظرية تفسيرية.

م2:

وعلى أية حال، لا بد وأن ينتهي العالم إلى موقف جديد، يحمل بين طياته مشاكل جديدة ليأخذ العالم منها م2 ... يبدأ بها الحلقة الجديدة.

بالطبع ليس من اليسير إدخال فكرة المحاولة والخطأ البسيطة في ذات الهوية مع المنهج التجريبي المعقد، إنما هي الأصل والإطار العام الذي تفرعت شتى التعقيدات داخل خطواته، إن منهج المحاولة والخطأ، أي «م1 - ح ح - أ أ - م2» هو أسلوب التعلم، أسلوب تعرف الكائن الحي على بيئته، وقد تطور قليلا قليلا حتى بدأ في اتخاذ سمة المنهج العلمي التجريبي الحديث، الذي هو على وجه الدقة: منهج الحدوس الافتراضية الجريئة «المحاولة» والاختبارات العملية الحاذقة البارعة لتكذيبها وتصويب الخطأ فيها.

خلاصة المنهج هي أن يتعلم الباحث أن يفهم المشكلة فيحاول حلها، ويفشل في هذا الحل فيردفه بحل آخر أقوى يفشل فيه هو الآخر، العالم يسير من حلول سيئة إلى حلول أفضل، عارفا في كل حال أن لديه القدرة على طرح تخمينات جديدة، فطريق التقدم العلمي الوحيد هو طريق الكشف، هو طريق طرح فروض أفضل.

وبطبيعة الحال تحدد هذه النظرية المنهجية منطق العلم وطبيعته، من حيث إنه دائما غير يقيني، مؤقت نسلم به الآن لأنه الأفضل، وفي وقت لاحق لا بد من التوصل إلى ما هو أفضل، فالمسألة نسبية وهي متغيرة من حيث هي دائمة التطور والتقدم.

إن الصياغة «م1 - ح ح - أ أ - م2» تجعل نمو المعرفة العلمية يسير من المشاكل القديمة إلى المشاكل الجديدة، بواسطة الافتراضات الحدسية وتكذيباتها، بواسطة التعديلات والتكييفات المستمرة للموقف الراهن، والحلول المطروحة لمشاكله، مما يجعل تطور العلم زجزاجيا متعرجا وليس خطا مستقيما، إنه منهج التصحيح الذاتي، أي الذي يجعل العلم يصحح نفسه بنفسه تصحيحا مستمرا استمرارية البحث العلمي، طالما أن النظريات كلها مجرد حدوس افتراضية، تتفاوت في درجة اقترابها من الصدق، وأن العالم حتى لو توصل جدلا إلى نظرية صادقة، فلا هذا المنهج - ولا أي منهج آخر - يتمكن من تبرير صدق النظرية العلمية، وكيف نبحث عن تبرير الصدق ونحن عالمون أن النظرية قد تجتاز كافة اختبارات النقد والتكذيب، فقط لأن العلم لم يتوصل بعد إلى الاختبار الحاسم لها، أي القانون المفند، والباحث لا يفضل النظرية فقط لأنها الأقرب إلى الصدق، ولكن أيضا لأنها محتملة الكذب، إنها موضوع شيق لاختبارات أكثر، أي محاولات تكذيب، وتكذيب أي نظرية علمية يشكل مشكلة لكل نظرية جديدة؛ إذ إن عليها أن تنجح فيما نجحت فيه سابقتها، وفيما فشلت فيه أيضا، فهذا المنهج يعني الترابط المتسلسل بين النظريات، بحيث تكون كل نظرية أقرب إلى الصدق من سابقتها.

على ضوء ما سبق، يمكن أن تراعى التقاليد الميثودولوجية، فنستخلص من نظرية بوبر المنهجية، الخطوات الآتية للمنهج العلمي: (1)

المشكلة «وهي عادة تفنيد لنظرية موجودة». (2)

Bog aan la aqoon