198

Falsafat Cilm

فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية

Noocyada

العالم 2:

هو العالم الذاتي، عالم الوعي والشعور والمعتقدات والإدراكات والحالات العقلية والميول السيكولوجية.

العالم 3:

عالم المحتوى الموضوعي للفكر كالعلم والفلسفة والأعمال الأدبية والفنية والنظم السياسية والتقاليد والقيم والأعراف ... محتوى هذا العالم هو محتوى الكتب والصحائف وأجهزة الكومبيوتر والمتاحف والمعارض.

والعلاقة بين العوالم الثلاثة متداخلة، لكن العالم 2 هو الوسيط الذي يربط بين العالم 1 والعالم 3 بفضل علاقاته بكليهما، فهو يدرك العالم 1 بالمفهوم الحرفي للإدراك، ويخلق العالم 3 ويظل يدرسه ويضيف إليه ويحذف منه، حتى القوة التكنولوجية في العالم 3 تمارس تأثيرها على العالم 1 بفضل العالم 2.

يقول بوبر: إن هذه النظرية في جوهرها موقف تعددي جديد ، يرفض الواحدية والثنائية، يرفض بوبر أيضا الواحدية المحايدة مع ماخ وجيمس ورسل وتعدديتها المفرطة، ويحل مشكلة العقل والمادة عن طريق طرف ثالث يربط بينهما، ويرجع أصولها إلى سائر النظريات الميتافيزيقية التعددية كالأفلاطونية والهيجلية ومونادات ليبنتز الروحية ... كلها في رأي بوبر نظريات تقول بوجود عالم غير عالمي العقل والمادة مثل العالم 3، لكن بوبر يتلافى تطرفاتها الميتافيزيقية فلا يجعل العالم 3 سرمديا مطلق الثبات كعالم المثل الأفلاطوني نتأمل فيه كما لو كان نجوما في السماء، العالم 3 من صنع الإنسان، ومكوناته واقعية، إنها المشاكل وحلولها، ويحوي دائما الخطأ بجانب الصواب، وهو دائم التقدم والتغير والنمو، وهذه المرونة تجعله ملائما للعلم الحديث.

العالم 3 يجسد موضوعية المعرفة بفضل استقلاله، فهو منتج مباشر لنشاطات الإنسان المختلفة، لكن مكوناته تستقل عن الإنسان بعد أن يخلقها الكتاب، كتاب وإن لم يقرأه أحد، وتستقل في خلق مشاكلها التي قد يعجز الإنسان عن حلها، وفي خلق خصائصها التي تظل في حدود المجهول وقد يعرفها الإنسان أو لا يعرفها . مثلا لا تزال كثير من مشاكل الأعداد الأولية والصماء واللامتناهية مثارة في علوم الرياضة، فالإنسان خلق سلسلة الأعداد، لكنه لم يخلق مشاكلها ولا خصائصها كالتمييز بين الأعداد الفردية والزوجية. مثل هذا نتيجة لخلقنا، غير مقصودة ولا يمكن تجنبها، نتيجة ثانوية أو جانبية

by-product .

على هذا يفرق بوبر في مكونات العالم 3 بين المنتجات المقصودة التي اجتمع أشخاص معينون وبذلوا جهدا موجها لخلقها مثل الأديان والمؤسسات والأعمال الفنية والعلمية والقوانين والدساتير ... وبين المنتجات الجانبية الثانوية التي لم يخلقها الإنسان بقصد، بل انبثقت من تلقاء ذاتها، والغريب أنها قد تكون أكثر أهمية من المنتجات المقصودة. فأهم كيانات العالم 3 طرا اللغة، وليس هناك جماعة اجتمعت لتخطيطها، بل تبدأ بنشاط أولي توجهه الحاجة، ثم يتسع ويتطور ويتحسن تدريجيا بغير خطة سابقة. إنها أشياء صنعها الناس بغير أن يصنعها واحد منهم، وحين تتبدى فائدتها تتطور وتتحسن، العالم 3 هو الذي يميز الإنسان عن الحيوان. موضوع الإبستمولوجيا يقطن فيه ولا شأن لها البتة بالعالم 2. وأهم مكونات العالم 3 اللغة والنقد، وبفضل النقد يكون تطوره ونماؤه الدائم نحو الأفضل.

وما دام بوبر يولي كل هذه الأهمية للنقد يمكن أن نتفهم جيدا لماذا كانت البطاقة الفلسفية التي يتخذها عنوانا لفلسفته هي العقلانية النقدية

Bog aan la aqoon