Falsafat Cilm
فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية
Noocyada
نسبة إلى عالم الرياضيات توماس بييز
T. Bayes (1702-1761م) الذي كان من رواد حساب الاحتمال ردا على تشكيك معاصره ديفيد هيوم في التجريبية والاستقراء.
34
وقد أشرنا إلى هذه المحاولة أثناء مناقشة مشكلة الاستقراء في الفصل الثالث وأوضحنا أنها ليست حلا حاسما ما دامت تسحب المشكلة من اليقين إلى الاحتمال.
ظل رسل من أقوى موجهات الفلسفة طوال الربع الأول من القرن العشرين، إنها الفترة التي شهدت نشأة ونماء وتطبيقات الفلسفة التحليلية التي وصفت بأنها ثورة فلسفية مدوية رافضة للوضع الفلسفي، آتية بالجديد في المنهج، أي أسلوب البحث، وفي المذهب، أي موضوع البحث. خفتت الأضواء عن رسل فيما بعد إلى حد ما، ولم تعد أعماله قوية التأثير مثلما كانت، وتصدر الواجهة أتباعه من فلاسفة التحليل الآخرين. على أن رسل لم يفجر الثورة التحليلية بمفرده، شاركه صديقه مور وتلميذه فتجنشتين. انطلق ثلاثتهم من جامعة كمبردج.
رافق جورج إدوارد مور
G. E. Moore (1873-1958م) رسل منذ البداية في الثورة على المثالية الألمانية التي طغت في كمبردج، وهذا تصعيد للمد التجريبي. ثار رسل عليها؛ لأنها لم تعد تتفق مع روح العلم الذري والمنطق الرياضي، بينما ثار عليها مور؛ لأنها لا تتفق مع الحس المشترك
Common Sense ، أي الإدراك الفطري والخبرة العادية للإنسان العادي. وترجع فاتحة الفلسفة التحليلية إلى مقال كتبه مور عام 1903م بعنوان «تفنيد المثالية» قدم فيه مثالا عمليا لمنهج جديد في معالجة المشكلات الفلسفية مطبقا على الحس المشترك. وهذا المنهج الجديد يقوم على فكرة مؤداها أن المشكلات الفلسفية ترجع إلى سبب غاية في البساطة، وهو محاولة الإجابة على الأسئلة المطروحة دون أن نتبين أولا وعلى نحو دقيق حقيقة السؤال الذي سنجيب عليه. وأكد مور أن الفلاسفة لو حاولوا اكتشاف المعنى الحقيقي للأسئلة التي يطرحونها - عن طريق تحليلها - قبل أن يشرعوا في الإجابة عليها، لكانت هذه المحاولة الحاسمة كافية في الغالب لضمان النجاح. وإذا تم هذا سوف تختفي معظم المشاكل الخادعة والخلافات الفلسفية، فغموض المعنى هو مصدر الاضطراب في البحث الفلسفي. ويتألف التحليل عند مور من ترجمة العبارة الغامضة المراد تحليلها، إلى عبارة أخرى مرادفة لها وأوضح منها، أي أقل إثارة للحيرة. إن التحليل عند مور يتعلق بشكل أو بآخر بالتعريف، أما رسل فقد رأى أن التحليل هو ترجمة العبارة المصوغة في اللغة العادية إلى صيغ منطقية؛ وذلك لأن الصيغ النحوية مضللة يمكن أن نصب فيها أي شيء بغير معنى، وما هكذا المنطق. إذا هناك اختلاف بينهما، مور يبغي الأوضح باللغة، ورسل يريد الأدق بالمنطق. وثمة أيضا اختلاف في الهدف، فبينما يهدف جهاز رسل المنطقي إلى حل مشاكل فلسفية وميتافيزيقية فإن تحليل اللغة اليومية عند مور يهدف إلى إثبات وجهة نظر الذوق الفطري أو الحس المشترك. على هذا كان تحليل مور منصبا على اللغة، وتحليل رسل منصبا على المنطق، أما تحليل الرائد الثالث فتجنشتين فهو منصب على منطق اللغة، كما رأينا في الجزء السابق من هذا الفصل. هكذا خلق هؤلاء الرواد الثلاثة التيار التحليلي الذي هو أقوى تشغيل واستثمار للمنطق الرياضي في فلسفة القرن العشرين في فلسفة للغة.
كان فتجنشتين بعباراته الصاروخية القاطعة هو الأقوى تأثيرا في التيار التحليلي، حتى اعتبر الأب الروحي لسائر فلاسفته، وهو الذي صبغه بالصبغة اللغوية الساطعة. كان متطرفا إلى حد يلامس العصابية في حكمه بأن كل المشاكل الفلسفية لغو ينبغي استئصاله؛ لأنها لا تطابق الواقع التجريبي، حتى قيل: إن «نصل أوكام» يهدف إلى استئصال الشطحات الفلسفية الزائدة، بينما هدف فتجنشتين إلى استئصال شجرة الفلسفة من جذورها! أمثال هذه الدعاوى الهوجاء تظهر في كل عصر ومصر، وتظل شجرة الفلسفة ريانة الأفنان غير قابلة للاستئصال. وقد ظلت ناضرة مثمرة على الرغم من شيوع فلسفة فتجنشتين بشكل أو بآخر في سائر المذاهب التي تفرعت عن التيار التحليلي.
أول فروع التيار التحليلي هو ما يمكن أن نسميه مذهب التحليل العلاجي
Bog aan la aqoon