117

Falsafat Cilm

فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية

Noocyada

Minkowisky

من رواد معالجة العالم ذي الأبعاد الأربعة، وقد أوضح كيف يمكن تطويق المطلق بالعود إلى أصله الرباعي، وأن نبحثه بعمق أكثر،

33

وهذا ما فعله آينشتين حين طرح المتصل الزماني المكاني الرباعي الأبعاد، وهو ليس كيانا واحدا يحل محل كيانين هما الزمان والمكان، وليس شيئا وليس مسرحا جديدا للوقائع الفيزيائية، بل هو نظام من العلاقات بين الأحداث، يهدم تماما التصورات الكلاسيكية عن التتابع الزماني والتجاور المكاني، وعن المادة بوصفها مكونة من جزيئات عبر آنات الزمان في نقطة من المكان،

34

من حيث يهدم مفهومي الزمان والمكان المنفصلين والمطلقين.

لقد نقض آينشتين المطلق النيوتني، في أول صياغة لقانون النسبية العام 1905م، حين أعلن أن الطبيعة تجعل من المستحيل تعيين الحركة المطلقة عن طريق أية تجربة مهما كانت. والحق أن نيوتن نفسه قد أعرب عن استحالة تعيين الحركة المطلقة والسكون المطلق، فظلا في الواقع نسبيين، أي بالنسبة للأرض التي تتحرك بالنسبة للشمس المطلقة والسكون المطلق، وفي هذا ألمعية فذة منه، لكنه في النهاية لم يضع النسبية في اعتباره وأقام نظريته على الأساس المطلق كما رأينا، بينما عجز العلم عن إيجاد الجسم الذي افترضه نيوتن في حالة سكون مطلق، أو بالأصح أثبت استحالة وجوده، فالقمر متحرك بالنسبة للأرض، والأرض متحركة بالنسبة للشمس والمجموعات الكونية الأخرى متحركة، والكون كله في حركة دائبة.

35

لذلك نجد أن النسبية تعلم أنه لا يوجد في الكون كله مقياس معياري للطول أو الكتلة أو الزمان؛ لأنه سوف يتضمن الثبوت في مكان معين وهذا شيء لا وجود له. الزمان الذي تحدده حركة الأجرام السماوية، وبعدها المتغير عنا، كلاهما نسبي غير منتظم، ولا يجري في جميع أنحاء الكون بالتساوي، فأين الزمان المطلق الذي تحدث عنه نيوتن؟

والواقع أن المطلق لا وجود له إلا في ذهن نيوتن وأشياعه، والنظرية النسبية نسبية؛ لأنها تدخل الذات العارفة كمتغير في معادلة الطبيعة؛ إذ تجعل موقع الراصد وسرعته معينات أساسية، والقائمون بالملاحظة الذين يتأملون السماء من كواكب مختلفة سوف يدرك كل منهم سماء مختلفة. كذلك يتحكم تأثير المكان في ساعاتهم - بمعنى أجهزتهم للرصد - بحيث إن الوقت الذي يقرأه كل منهم يختلف في اللحظة الواحدة، بل كلا منهم يقدر مرور الزمن تبعا لسرعة مختلفة، قد يكون مكان الملاحظ بالنسبة لنا هو الأرض في كل الأحوال، لكن الملاحظ المرتبط بالأرض لا يستطيع أن يجري الأقيسة الفلكية نفسها التي يجريها الملاحظ بكوكب آخر، والنسبية تدرس كيف تؤثر حركتا هذين الملاحظين النسبية في ملاحظاتهما، ولم يكن هذا بطريقة لا ذاتية فحسب، بل ولتحرز درجة هائلة من الموضوعية المدهشة، لكن غير المطلقة.

Bog aan la aqoon