187

Falsafadda Ingiriiska ee Boqolka Sano (Qeybta Koowaad)

الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)

Noocyada

94

وهو لا يخضع لأي تحديد خارجي، ولا يمكن تعيين سبب له، وأفضل وصف هو أن نقول بكل بساطة ، وبطريق مباشر: إنه هو الذي يجعل كائنين ينتميان بعضهما إلى البعض ويصبحان كائنا واحدا، إنه الحب الذي تغنى به الشعراء، وتجلى بصورة خالصة تماما لدى تنيسون في ديوانه «الذكرى

La Memorian » وفي ديواني «الحياة الجديدة

Vita Noova »، و«الكوميديا الإلهية

Divina Commedia » لدانتي. «الحب الذي يحرك الشمس وسائر النجوم.»

95 (6) القسم السادس: أصحاب مذهب المثالية الشخصية

ساهم برنجل باتيسون - وهو اسكتلندي كان نشاطه الفلسفي معاصرا لبوزانكيت - بدور ملحوظ في استيعاب التراث المثالي المستمد من ألمانيا، وفي نشره وتدعيمه، وكان من أقدر مفكري الجيل الثاني من المثاليين الإنجليز، على أنه لم يكن يتميز بأصالة ملحوظة، فقد كان يفتقر إلى المقدرة العقلية العميقة التي كان يتميز بها برادلي، وإلى مزاج ماكتجارت الجريء الصريح، وإلى إلمام وورد بالعلوم الطبيعية، فكان مدينا إلى هؤلاء جميعا، غير أنه لم يرتبط بواحد منهم ارتباطا كاملا، وإنما سلك طريقا خاصا به، مر بهؤلاء جميعا عن طريق نقده لمذاهبهم وتوفيقه بينها. وكانت النتيجة ما يمكن تسميته بمذهب مثالي عادي، جمع بين الاتجاهات المختلفة، وتجنب من آرائهم ما ينطوي على المزيد من الجرأة ويثير المزيد من الجدل. وبفضل هذا التكيف مع عناصر المدرسة ذاتها، والمواجهة النقدية لخصومها، والأبحاث الواسعة في تاريخ الفلسفة، وتوصل برنجل-باتيسون إلى العالم، وكان ذلك راجعا إلى دافع خارجي، هو تعيينه لإلقاء محاضرات جيفورد، ودافع باطن حفزه إليه ذهنه النقدي، أكثر مما كان راجعا إلى رغبة عميقة في التأمل وبناء مذهب خاص به. فنظرته إلى العالم تبعث على الاحترام، غير أن تجنبها للواحدية والتعددية، ولمذهب المطلق والمذهب الشخصي، وكل المذاهب الثابتة والأخرى، كل ذلك جعل منها محاولة تلفيقية، لا خلقا أصيلا.

وهناك اثنان من كتبه الأولى، التي ترجع إلى العقد التاسع من القرن الماضي، لهما أهمية تزيد على كونها أهمية عابرة فحسب. فكتاب «مقالات في النقد الفلسفي»، الذي نشره بالاشتراك مع صديقه هولدين، هو بيان أو إعلان مشترك لعدد من الشبان، الذين كانوا في ذلك الوقت يفتقرون إلى الشهرة، والذين انضموا إلى الحركة الجديدة، وكانوا يمثلون أول تعبئة لقوى المثالية. وقد ساهم برنجل باتيسون بالبحث الافتتاحي، فعرض الخطوط العامة لفلسفة هي في أساسها فلسفة هيجل، ولكنها ليست مقيدة تماما به، وإنما تتحرك بحرية في جميع الاتجاهات الفكرية التي امتدت من كانت إلى هيجل. وكان قد بين في كتابه الأول، الذي ظهر قبل ذلك بعام واحد، أن تطور هذه الفلسفة من الكانتية إلى الهيجلية قد سار وفقا لضرورة منطقية كامنة.

ولما كان برنجل باتيسون قد ظهر، عندئذ، بمظهر حامل راية المذهب الهيجلي، فقد أثار دهشة غير قليلة عندما نشر بعد سنوات قلائل كتابا تعرضت فيه الهيجلية لنقد شديد، وأعلن فيه أنها غير مرضية في نواح معينة، على أن هذا الكتاب - وهو «المذهب الهيجلي والشخصية» - لم يكن موجها ضد الحركة الهيجلية بقدر ما كان موجها ضد تطورات نظرية معينة لها، تمت على يد جناحها المناصر لفكرة المطلق. ومع ذلك فقد كان الكتاب يمثل نوعا من الثورة داخل قيادة المعسكر، وأدى إلى قيام حركة معارضة انضم إليها - على مر الأيام - كل من رفضوا تأييد المذهب المطلق عند برادلي وبوزانكيت، وكان هدف هذه المعارضة هو تنقية المثالية من عناصر هيجلية معينة، بالتطلع قدما إلى لوتسه، ورجوعا إلى كانت، وفي الوقت ذاته كانت تعني إعادة إحياء مذهب الألوهية بوصفه جزءا لا يتجزأ من المثالية. وبذلك كانت تعني العودة إلى المدرسة الهيجلية القديمة وتحالفها مع الدين. ولا شك في أن ميول برنجل باتيسون الدينية القوية كانت في هذه الحالة عاملا حاسما، ولم يكن من المستغرب أن يجد كتابه صدى عميقا في حلقة مارتينو.

وكان مركز هذا النقد لهيجل هو مشكلة الذات أو الشخصية، فقد ذهب إلى أن من الواجب فهم فكرة الذات عند كانت بمدلولها الإبستمولوجي (المعرفي) الأصلي، فالوحدة الترنسندنتالية للوعي الذاتي ليست إلا الوحدة المنطقية للتفكير، والعامل الصوري المحض في المعرفة. ولقد كان فشته هو الذي بدأ عملية تحويل الإبستمولوجيا عند كانت إلى ميتافيزيقا للمطلق، وواصل هيجل هذه العملية، كما واصلها الكانتيون الإنجليز والهيجليون؛ إذ إن هذه الإبستمولوجيا ليست أوضح ظهورا عند فشته منها في تحويل جرين للوحدة التركيبية للوعي الذاتي إلى مبدأ روحي كلي أو وعي إلهي، كما أن المنطق والميتافيزيقا ليسا منفصلين بوضوح عند هيجل، فالتصور يجمد في ماهية واقعية، والمقولات تحدد هويتها بصور لأشياء موجودة، والعالم يشيد منطقيا من الفكر المحض. غير أن هذه المحاولة الطموحة لا تفلح أبدا في الوصول إلى المعطيات الحقيقية للتجربة، أو إلى العيني والفردي، ولا تتجاوز أبدا عالم التصورات الشكلية المجردة، على أن الواقع لا يمكن أن ينتج بالفكر، وإنما هو يعطى له، والفكر لا يمكنه أن يصف إلا ما يمكن الاهتداء إليه نظرا إلى كونه موجودا بالفعل، وهذا الأخير يكون على الدوام فرديا وفعليا، وبالتالي يكون لا منطقيا ولا عقليا. وهكذا فإن إصرار هيجل على تجاهل ما هو فعلي قد جعل عالمه ينكمش في حدود العملية المنطقية التي لم يعد فيها الفرد العيني سوى مركز تجمع المقولات الصورية.

Bog aan la aqoon