135

Falsafadda Ingiriiska ee Boqolka Sano (Qeybta Koowaad)

الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)

Noocyada

وفي أمريكا كانت لإمرسون

Emerson

رسالة شبيهة برسالة كارليل، وإن لم يكن تأثره بالألمان السابقين عليه قد بلغ مثل هذا العمق. ولما كانت كتاباته قد أثرت في إنجلترا بدورها تأثيرا بالغا، فقد لزم التنويه بأهميته.

من هذه الاتجاهات، لا من أوساط فلسفية خالصة تلقت الحركة الجديدة أكبر قوة دافعة لها. صحيح أن البعض، في هذه الأوساط، كانوا يستبقون الحركة الجديدة من آن لآخر، غير أن معظم هؤلاء لم يتجاوزوا نطاق الإلمام بتعاليم الفلاسفة الألمان والاهتمام بهم، ونادرا ما أظهروا فهما حقيقيا لهم، وكلهم على السواء كانوا منعزلين بدرجات متفاوتة، فلم يجتمعوا أبدا بالقدر الذي يكفي لتكوين حركة واحدة، وفضلا عن ذلك فلم يتوافر لأحد منهم فهم كامل للمثالية في مجموعها. وهكذا فإن دورهم، في التعجيل بظهور الحركة المثالية، كان إما ضئيلا جدا وإما متعمدا. ومع ذلك فمن واجبنا أن ننوه بعمل السير وليام هاملتن ومدرسته، التي سيطرت على الميدان الفلسفي، ولا سيما في اسكتلندا، في أواسط القرن الماضي؛ فقد كان هاملتن أول فيلسوف محترف في إنجلترا اكتسب معرفة عميقة واسعة بالمؤلفات الفلسفية الألمانية وانتفع من هذه المعرفة، وكان يفوق كل معاصريه في فهمه إلى القراءة وعمق معلوماته، ومن المألوف أن يصادف المرء في كتاباته أسماء كبار المفكرين الألمان، بل إن من الممكن وصف مذهبه الخاص بأنه محاولة للتوفيق بين الفكر الاسكتلندي وتفكير كانت أو لإيجاد مركب منهما، أو إذا شئنا تعبيرا أدق، لتطعيم فلسفة الموقف الطبيعي عند ريد ببذرة كانتية. غير أن أهم ما أخذه هاملتن عن كانت هو النزعة الظاهرية اللاأدرية

Agnostic Phenomenalism

في نظرية المعرفة النقدية، والفكرة القائلة إن المعرفة البشرية تقتصر على المظاهر وعلى ما هو متناه مشروط نسبي . ولقد أدى اقتصاره على إبراز الجزء النظري من مذهب كانت، بل والوجه السلبي منه فحسب؛ أدى ذلك إلى جعل هذا الجزء يبدو وكأنه كل ما في الفلسفة الترنسندنتالية أو على الأقل أهم ما فيها، فكان من نتيجة هذه الصورة الجزئية المضللة إلى أبعد حد أن حيل بينه، وكذلك بين مواطنيه، وبين الوصول إلى نظرة شاملة إلى تفكير كانت، وفهم أصيل له، كما قطع الطريق على المذاهب التالية لكانت. صحيح أنه كانت لديه معرفة وثيقة بهذه المذاهب، ولكنه كان عاجزا تماما عن اكتساب أي شيء منها، وبدد جهوده في خلاف عقيم زائف مع «فلسفة اللامشروط (المطلق)». فقد أفتى بعدم مشروعية المذاهب الميتافيزيقية الكبرى التي ظهرت نتيجة لنقد العقل عند كانت، وأصبح هذا الحكم، بفضل سلطته العظيمة، هو الرأي السائد وقتا طويلا. ومن هنا كان من أولى المهام التي تعين على سترلنج القيام بها عند وضع أسس بنائه الجديد، إعلان احتجاجه بشدة على تشويهات هاملتن ونظراته السطحية، وإنكار أصالة نظراته إلى الفلسفة الألمانية؛ ذلك لأنه كان واثقا من أن عدم إنصاف هاملتن لهذه الفلسفة قد عاق تقدم الفكر الإنجليزي جيلا كاملا. ومع ذلك فلا مفر لنا من أن نعترف لهاملتن بفضل إنقاذ الفلسفة الإنجليزية، بعلمه الغزير، من الطريق المسدود الذي كانت قد انتهت إليه؛ إذ أتاح دخول مصادر جديدة وجلب إليها روافد من الفكر الأجنبي المعاصر له، فلم يكن لأي فيلسوف آخر، قبل سترلنج، مثلما كان لهاملتن من الأثر في القضاء على عزلة الفلسفة في بلاده.

وبعد وفاة هاملتن، أصبح جون ستيوارت مل هو أبرز الشخصيات في ميدان الفلسفة في إنجلترا، بل أصبح هو الممثل الوحيد للفلسفة في إنجلترا، وأكثر المفكرين قراء، في الفترة التي تلت منتصف القرن الماضي مباشرة، وفيه التقت جميع تيارات الفكر الفلسفي التي كانت حية عندئذ. ولقد بلغت سيطرته من الاكتمال حدا أصبح من المستحيل معه أن يجد أي شخص يتحدث ضده آذانا صاغية. ونستطيع أن نذكر أولا، ضمن أولئك الذين غامروا بالسياحة ضد التيار التجريبي، اسم جون جروت

J. Grote (1813-1866)، الذي كان أستاذا للفلسفة الأخلاقية في كيمبردج، فقد دار تفكيره، الذي كان منعزلا وشبه مستقل، في إطار المثالية، ولكنها لم تكن مثالية هاملتن ، بما فيها من نسبية لا أدرية، فقد رفض تعاليم هذا الأخير صراحة، وحبذ بدلا منها مذهبا تكون المعرفة فيه هي «تعاطف العقل مع العقل، من خلال الوجود المشروط الجزئي»،

5

فمن الممكن بلوغ الواقع الحقيقي والشيء في ذاته في المعرفة، وذلك راجع إلى أن طبيعته هي نفس طبيعة الذهن الذي يعرفه. وقد جمع جروت، إلى هذه الفكرة، نقدا عميقا للمذهب الظاهري أو الوضعي، وإن يكن قد اقتصر على توجيه نقده إلى ادعاء هذا المذهب أنه هو الكلمة الأخيرة في الفلسفة، أو هو الفلسفة كلها. فمعرفة الظواهر هي شكل مفيد من أشكال المعرفة، وهي تمثل نوعا حقيقيا من التجريد في مجالها الخاص؛ مجال العلوم الطبيعية، ولكنها مع ذلك لا تعدو أن تكون تجريدا مستمدا من سياق أوسع منها كثيرا؛ فهي إذن معرفة مبدئية تمهد للمعرفة الفلسفية بمعناها الدقيق. ومن هنا كان من الواجب تكملة وجهة النظر الظاهرية وإتمامها بوجهة النظر المثالية، بل إن تفكيرنا لا يكون فلسفيا حقيقة إلا إذا فكرنا بالطريقة المثالية؛ إذ إن جروت لم يكن يعني بالفلسفة الاهتمام بموضوع المعرفة، وإنما الاهتمام بواقعة المعرفة أو عملية المعرفة ذاتها. ومن ذلك فإنه لم يصل إلى أي إيضاح كامل لموقفه، وكل ما فعله هو الاعتراف بعدم كفاية النظريات السائدة في أيامه، وتلمس طرق جديدة للتفكير على غير هدى. ولقد كان في ذهنه نوع من المثالية الموضوعية أو الميتافيزيقية، ولكن وجوده في بيئة لها اتجاه مختلف كل الاختلاف، جعله أكثر انعزالا من أن يتمكن من تشييد مذهب له قوامه الصحيح. ومن هنا فإنه لم يكد يلقى أية استجابة مباشرة، ولم تجد الأفكار الخصبة القليلة التي غرس بذرتها تربة مناسبة هنا أو هناك إلا بعد مضي وقت طويل. وقد ظهر الكتاب الفلسفي الوحيد الذي نشره هو ذاته، وهو «بحث استطلاعي فلسفي، المجلد الأول»، سنة (1865) في نفس السنة التي ظهر فيها كتاب سترلنج عن هيجل. أما بقية مؤلفاته

Bog aan la aqoon