Falsafada Hindiya: Hordhac Gaaban
الفلسفة الهندية: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
أما السبب وراء استمرار رغبة المرء وتوقه لما لا يمكنه الحصول عليه فهو جهله بالطبيعة الحقيقية للحقيقة. وفي الواقع، فإن كل شيء في دورة الحيوات مشروط بشيء آخر، ووضع بوذا هذه النقطة في مبدأ أو تعليم آخر من تعاليمه الأساسية؛ فقال إنه توجد «طبيعة للأشياء»، أو «نمط معتاد للأشياء»، وهذه الطبيعة أو هذا النمط المعتاد يتمثلان في أن كل الأشياء «نشأت معتمدة على غيرها». وهذا ينطبق عموما على كل عوامل تجربتنا المتكررة؛ فلا شيء على الإطلاق، مهما كانت طبيعته - ماديا أو ذهنيا، حسيا أو متصورا، ملموسا أو مجردا، عضويا أو غير عضوي - يحدث مستقلا عن عوامل شرطية. وبالفعل هذا هو سبب عدم دوام كل الأشياء.
النشأة المعتمدة
النشأة المعتمدة هي تعليم ميتافيزيقي متطرف، إلى حد كبير، من تعاليم بوذا، وهي لا تنص على عدمية الوجود، بل تقول إن طريقة حدوث كل الأشياء تختلف عن كل من: الوجود الذي ينطوي على الاستقلالية، وعدم الوجود الذي ينطوي على إنكار حدوث الأشياء. والهدف من هذا التعليم عن النشأة المعتمدة هو سلوك «طريق وسطي» بين الوجود وعدم الوجود، والإقرار بالوجود وعدم الوجود، وإنكار الوجود وعدم الوجود. إن هذه الصيغة المتحدية للمنطق، التي رأيناها بالفعل في السابق، مصممة لتضم وترفض كل أنواع التباديل الممكنة للمواقف الميتافيزيقية التي يتخذها الآخرون. «الطريق الوسطي» لبوذا
قال بوذا إن تعاليمه اتخذت طريقا وسطيا بين تعاليم وممارسات معتنقي التقليد البرهمي والمارقين منه، ويمكن رؤية ذلك بوضوح شديد في ثلاثة جوانب كالتالي: (1) كان مجتمع الرهبان البوذي بين طرفي نقيض؛ تمثل أحدهما في التمسك التام بالنظام الاجتماعي، وتمثل الآخر في الرفض التام لذلك النظام الاجتماعي، فكان أعضاء مجتمع الرهبان يعيشون منفصلين عن المجتمع لكنهم معتمدون على العوام على نحو متبادل. (2) النظام اليومي وأسلوب حياة الرهبان البوذيين كانا بين الانغماس الحسي المرتبط بالحياة الأسرية وبين أساليب التقشف القاسية المفروضة ذاتيا التي كان يمارسها المارقون من التقليد البرهمي؛ فقد كان الرهبان البوذيون متبتلين، لكن كل احتياجاتهم الأخرى كانت مجابة من أجل الحفاظ على السلامة الصحية التي اعتقدوا أنها مهمة من أجل الالتزام الكامل بالتقليد البوذي. (3) ميتافيزيقية النشأة المعتمدة سلكت طريقا وسطيا بين كل التباديل الممكنة للنظريات الوجودية المطروحة من قبل الآخرين؛ فلا يمكن التعبير عنها باستخدام أية مجموعات مصطلحات متعلقة بالوجود أو بعدم الوجود.
كثيرا ما يقال إن ما كان يعلمه بوذا في هذا السياق، في تناقض مباشر مع كهنة الأوبانيشاد وغيرهم، هو أنه لا توجد ذات. ونشأت وجهة النظر تلك من استخدام المصطلح البالي (من اللغة البالية) «أناتا» («أناتمان» بالسنسكريتية)، الذي يتضمن إضافة بادئة نفي للكلمة التي تعني «ذات». والذات، كما رأينا في السابق، كانت تشغل اهتماما محوريا لمعظم مجتمع بوذا. وكانت المجموعة البرهمية المسيطرة، التي كانت تتلقى تعاليمها من كتابات الأوبانيشاد، تزعم أن معرفة الهوية الخالدة للذات مع جوهر الكون تحقق التحرر. وعلى النقيض من ذلك، قال بوذا إن كل الأشياء التي يمكن معرفتها («داما») هي «أناتا»؛ أي «غير ذاتية». واعتبر البوذيون والأكاديميون، على حد سواء، أن ذلك إنكار تام للذاتية؛ أي إنه لا يوجد ذات.
ورغم ذلك أوضحت إحدى الدراسات الأكاديمية الحديثة أن السياق يطبق على نحو عام وليس فقط على نحو خاص؛ فالفكرة تتمثل في أنه إذا كانت كل الأشياء تنشأ معتمدة بعضها على بعض، بين كل تباديل الوجود وعدم الوجود، فهذا يعني أن الطريقة التي توجد بها الأشياء - بما فيها الذوات، وكذلك درجات السلم الموسيقي، وأظافر القدم، والأفكار، والضحك، والروائح، والقطط، والأشجار، والكراسي، والأحجار - هي طريقة واحدة في العموم، وليس أنها غير موجودة. وفي واقع الأمر، عدم الوجود أمر مرفوض تماما. ونظرا للدلالات الذاتية لمصطلح «أناتا»، فإنه من الممكن أن يصرف الانتباه عن المعنى المقصود. لم يكن بوذا ينفي وجود ذوات الأشخاص، بل كان ينفي وجود أي شيء مستقلا عن باقي الأشياء، وهذا يتعارض على نحو واضح مع مزاعم الآخرين القائلة بديمومة الذات، لكن كون هذا المبدأ ينص على عدم وجود الذات هو في الحقيقة أمر محل تشكيك.
ويدعم هذا التشكيك حقيقة أن بوذا حث على ضرورة ابتعاد المرء عن تبني أي موقف من هذه المواقف الوجودية المتعلقة بالذات أو بالكون. وقال إن كل هذه المواقف أو أيا منها هي «مجرد آراء» تعزز عوامل الاستمرارية القسرية إلى حد كبير، وهي العوامل التي ينبغي التخلص منها من أجل اكتساب رؤية تمكننا من معرفة طبيعة الحقيقة. ورفض بوذا نفسه الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بمثل هذه الموضوعات، وصمته عند التساؤل عن صيغة «المنطق الرباعي» المشار إليها في السابق أدى إلى تسميتها بالأسئلة غير المجابة في البوذية. وفي تعارض كبير مع معاصريه ومع معظم المعلمين الآخرين، لم يقدم بوذا أية معلومات عن الوضع الوجودي للذات والكون، أو على الأقل لم يقدم تلك المعلومات على نحو مباشر. أما ما كان يعلمه بوذا في واقع الأمر - من أجل «رؤية الأشياء على حقيقتها» كما تقول المصادر البوذية - فهو ضرورة ألا يكون الاستقصاء والفهم من جانب المرء مركزين على الموضوعات الوجودية، بل يجب أن يركزا على عمل الملكات المعرفية للمرء.
ويشار إلى هذه الملكات في المصادر البوذية بمجموعة العوامل الخماسية المتفاعلة، ويطلق عليها الكاندات الخمس، وكلمة «كاندا» ليس لها مرادف دقيق في هذا السياق. وإذا بدا أن السائل يصرف الانتباه إلى موضوع آخر، كان بوذا يؤكد على نحو متكرر أن آلية عمل الكاندات هي اللازم فهمها. علاوة على ذلك، وعلى قدر كبير من الأهمية، فإن النصوص القديمة تنص على نحو متكرر على أن الكاندات الخمس هي ما تكون الدوكها، تلك الدوكها التي تعد السمة الأساسية للوجود البشري المحددة في الحقيقة النبيلة الأولى. ويشير هذا الارتباط إلى أن الأهمية الكاملة للحقيقة لا تقتصر، من هذا المنطلق، على الحالة النفسية لعدم الرضا، بل تشمل أيضا فكرة أن نقطة الانطلاق التي يجب أن يبدأ من عندها الاستقصاء عن الوجود البشري هي الملكات المعرفية للمرء. إنها الوسيلة التي يدرك المرء من خلالها التجارب في العموم، ومن ثم فمن غير الممكن استقصاء أي شيء محدد أو معرفته دون أن نفهم أولا الوسيلة التي من خلالها يدرك المرء الشيء، أو يكون تصورا عنه في المقام الأول.
ومن الناحية «الدينية»، فإن الغرض من استقصاء الملكات المعرفية للمرء هو فهم الرابط بين طريقة عملها المعتادة وبين الطريقة التي تؤثر بها شهوات المرء ورغباته على هذه الملكات؛ فالاستجابة الرامية إلى الإشباع تعتمد على العمليات المعرفية التي تعمل على حسب القواعد المتعارف عليها، لكنها في واقع الأمر، ونظرا للطبيعة الحقيقية للحقيقة، تعمل على نحو خاطئ. وعلى وجه التحديد، فإن الفشل في فهم نتائج النشأة المعتمدة يقود الشخص إلى الاستمرار في الاستجابة كما لو كان راغبا مستقلا لديه رغبات مستقلة لأشياء مرغوبة متفرقة. وبهذه الطريقة تعزز الاستمرارية من خلال تضافر الجهل والرغبات الشهوانية. وبالعكس، سوف تضمر الرغبات الشهوانية إذا استبعد الجهل وحل محله فهم أن تصور الاستقلالية والفردية هو تصور زائف.
من طبيعة الوجود إلى طبيعة التجربة
Bog aan la aqoon