Falsafa Noocyadeeda iyo Dhibaatooyinkeeda
الفلسفة أنواعها ومشكلاتها
Noocyada
حرية الإرادة في مقابل الحتمية : على الرغم من أن علم النفس الحديث قد دعم وجهة النظر الحتمية بقوة، فإن الحتمية ما زالت حتى الآن فرضا لم يتم إثباته؛ ومن ثم فإن المجال يكون فسيحا للجدل الفلسفي حول مسألة حرية الإرادة في مقابل الحتمية. فلما كان موقف المذهب الحتمي منفرا تماما لمعظم الأشخاص ذوي الميول الدينية أو المثالية القوية، فإن المشاعر الفلسفية تحتد حول هذه المسألة، على الأرجح، أكثر مما تحتد حول أية مشكلة أخرى في ميدان الفلسفة، فالذهن الميال إلى المذهب المثالي يرى في توسيع نطاق الحتمية الدقيقة بحيث تمتد إلى مجال الحياة البشرية، أنكارا لتلك القدرة التي ترى أمثال هذه الأذهان أنها هي المميزة للإنسان بحق؛ وأعني بها القدرة على اتخاذ القرارات الأخلاقية. أما الحجج القوية التي يأتي بها مذهب الحتمية (وهي الحجج التي سنعرضها بالتفصيل في فصل تال) فلا يبدو لها، في نظر أصحاب النزعات المثالية الواضحة، من القوة ما يبرر إنكار حرية الإرادة.
على أن أيا من جانبي النزاع الحاد الخاص بحرية الإرادة لم يفلح في قهر الجانب الآخر، وما زالت هذه المشكلة، على الأرجح، أكثر أبناء الفلسفة إثارة للضجيج الآخر، وما زالت هذه المشكلة، على الأرجح، أكثر أبناء الفلسفة إثارة للضجيج والمتاعب. ولكن هناك على الأقل احتمالا في أن يؤدي تطور علم النفس إلى تسوية نهائية لهذه المسألة القديمة العهد. ولو حدث ذلك لكان هذا يوما سعيدا لأمها الفلسفة؛ إذ إن هذا سيثبت مرة أخرى رأيها القائل إنه ليس كل أفراد ذريتها حالات مستعصية يستحيل تقويمها. ولا جدال في أن الفلسفة سوف يسعدها التخلص من هذه المشكلة؛ إذ لا توجد من المشكلات ما أثارت من المتاعب بقدر ما أثارت هذه. (8) الميدان الأخلاقي ومشكلاته
والمسألة الرئيسية التالية التي يتعين على الفيلسوف المتخصص أن يعالجها هي أقرب الألغاز الفلسفية إلى الطابع العملي. ففي وسع المرء أن يستبعد المشكلات التي عرضناها حتى الآن، على أساس أنها ليست بذات أهمية عملية ملحة، مهما تكن حقيقتها ودلالتها من حيث هي مشكلات عقلية، ولكن ها هي ذي مشكلة تعد أكثر المشكلات الإنسانية الكبرى اتصالا بالإنسان، وأعمقها تأصلا فيه، وربما أشدها إلحاحا عليه، وأعني بها: ما الحياة الخيرة؟ أما أولئك الذين ينفرون من أي سؤال يتضمن لفظ «الخير» خشية أن يؤدي إلى إقحامهم في جدل حول الأخلاق، فمن الممكن أن نعيد صياغة السؤال لهم دون أن يفقد شيئا من دلالته، بحيث يصبح: ما أهم شيء في الحياة؟ أو (إذا شئت أن نستخدم صيغة يشعر مؤلف الكتاب نحوها بميل شخصي قوي): ما أكثر شيء يجعل الحياة جدية بأن نحياها؟
والواقع أن مشكلة الخير الأقصى أو النهائي، وطبيعته وعلاقته بكل القيم، هي من أهم الموضوعات التي يبحث فيها ذلك الفرع من الفلسفة المسمى «بالأخلاق». وهناك احتمال في أن الفصول القادمة التي تعالج المشكلات الأخلاقية ستكون هي أطرف المشكلات في نظر أغلبية من القراء. فمثلا: هل «السعادة» أهم شيء في الحياة؟ وإن كان الأمر كذلك، فما علاقة السعادة «باللذة»، التي كان السعي إليها يعد، تقليديا، من البواعث الرئيسية للسلوك البشري؟ وهل يمكن أن يكون تحقيق نوع من «الكمال» أهم حتى من بلوغ السعادة، أم أن «خدمة الآخرين» قد تكون هي أقصى خير في الحياة؟ وما موقع «الواجب» و«الالتزام»؟ وما العلاقة بين كل من هذه المعاني النهائية المحتملة في الأخلاق، وبين حياتنا ككل، وما تأثير كل منها في حياتنا اليومية لو اخترناه بوصفه الخير الأسمى
Summum Bonum ؟
من الواضح أن الأخلاق هي أقل فروع الفلسفة تعرضا للاتهام بالبعد عن الميدان العملي. ذلك لأنه أيا ما كان رأينا في أهمية الأسئلة من أمثال «من أين نأتي؟» أو «إلى أين نذهب؟» فإن السؤال عما ينبغي أن نفعله خلال حياتنا هو سؤال عملي تماما. فمسألة ما يتعين علينا أن نفعله بأيامنا وما ينبغي أن نحاول صنعه بحياتنا، هي في نظر الناس جميعا أشمل الموضوعات العملية وأعظمها أهمية. قد يكون المثقفون وحدهم هم الذين يرون جدوى في البحث النظري حول طبيعة الحقيقة النهائية، ولكن الناس جميعا، حتى أقلهم حظا من الثقافة، يجدون أنفسهم أحيانا منغمسين في مجادلات عنيفة حول طبيعة الحياة الخيرة، وما إذا كان من واجبهم أن يفعلوا هذا أو ذاك. وإذا كنا موقنين بأن التفلسف أمر لا مفر منه، فإن الأمر الأكثر من ذلك يقينا هو أنه ليس ثمة مهرب من ضرورة اتخاذ قرارات أخلاقية على الدوام. وفي هذا المجال يكون الدور الأكبر للفيلسوف هو أن يجعل هذه القرارات عاقلة ومنطقية ومرضية بقدر الإمكان. وتشكل محاولة جعل هذه القرارات على هذا النحو موضوع «علم الأخلاق».
وهناك مشكلات أخرى عديدة تنتمي إلى أسرة الفلسفة الكبيرة، بعضها له من الأهمية ما يستحق معه أن نفرد له فصلا مستقلا في الصفحات التي ستأتي فيما بعد. فسوف تقتضي مشكلة الحقيقة والمشكلات المعقدة المتعلقة بعلم الجمال اهتماما خاصا، ما دامت تنطوي على مشكلات تتعلق بالفلسفة ككل. ومع ذلك فالأفضل أن نرجئ أية إشارة إلى هذه المشكلات حتى نكون متأهبين تماما لبحث ما تنطوي عليه من صعوبات؛ إذ إن أي تقديم موجز لهذه المشكلات قد يبعث في القارئ مزيدا من الحيرة، بدلا من أن يساعده على فهمها. (9) هدف الفلسفة
لا بد أن يكون قد اتضح لنا الآن أن المهمة التي يأخذها الفيلسوف على عاتقه ليست مهمة هينة أو هدفا متواضعا. فالفيلسوف - كما أحسن أفلاطون التعبير عن مهمته - هو من يشاهد كل زمان وكل وجود. وهو إذ يتخذ من المعرفة كلها ميدانا له، ومن التجربة بأسرها مادة خاما لبحثه، يهدف إلى وضع مركب لا يخرج عنه أي وجه للوجود، أو أي جزء من الفكر، أو أية ذرة من الواقع. وعلى ذلك فكل شيء في الكون داخل في نطاق التجربة البشرية، يدخل أيضا في نطاق الفلسفة. وكل ما يمر بنا، أو يؤثر فينا أو يترك أي أثر في وعينا، يهم الفيلسوف. وهو لا يستطيع أن يقبل أي مثل أعلى أقل من تكوين صورة شاملة تامة التوحد للواقع، وهو يقصد بالواقع عادة مجموع التجربة كلها - من ماضية وحاضرة ومستقبلة، وفعلية وممكنة. فكل شيء، في كل مكان، وحيثما حدث، هو وقود لآلة الفيلسوف الذهنية.
أما مسألة تحديد المدى الذي يستطيع الذهن البشري أن يذهب إليه من أجل بلوغ مثل هذا المثل الأعلى الهائل، فلا بد لبحثنا من الانتظار حتى نعالجها في الفصول القادمة. أما الآن فحسبنا أن نذكر أن لدى الفيلسوف شعورا واضحا كل الوضوح بأن مثل هذا المثل الأعلى لم يتحقق حتى الآن. وفضلا عن ذلك، فقد يكون من الأفضل الاعتراف صراحة بأن هناك مفكرين محدثين كثيرين يؤمنون باستحالة بلوغ هذا الهدف. فهناك جزء كبير من النشاط الفلسفي المعاصر يتركز حول السؤال: ما هي قدرات الذهن، وما هي بالضبط حدود المعرفة البشرية؟ ولكن على الرغم من هذه الشكوك الحديثة في قدرة الذهن البشري على بلوغ ذلك الهدف الذي كان الفيلسوف يضعه نصب عينيه في العصور السالفة، فإن هذا الهدف ما زال مثلا أعلى. ومن المؤكد أن الرغبة في معرفة أشمل وفهم أوسع، هي بالفعل الدافع الأساسي لوجود كل فيلسوف أصيل.
الفلسفة بوصفها نشاطا يمارسه البشر أجمعون : لا يمكن أن يكون هناك مفر من هذه المحاولة للتفكير منطقيا حول تجربتنا في مجموعها، ولجعلها معقولة بقدر الإمكان. قد يختلف الأفراد في درجة المعقولية التي يبحثون عنها وسط التجارب اليومية المختلطة، ولكن لا بد لكل منا، لكي يجد الحياة محتملة، من أن يكتشف نظاما وإحكاما ما في المادة الخام التي تتدفق إلى وعينا ساعة بعد ساعة أثناء مضي حياتنا. فكلنا - حتى أقلنا ثقافة أو أكثرنا سذاجة - نقوم بالضرورة بجهد لا ينقطع من أجل الاهتداء إلى معنى من وراء الافتقار الظاهر إلى المعنى، ومن أجل كشف وحدة تحت التنوع السطحي، ومن أجل فرض قدر معين من النظام على الفوضى البادية لتجربتنا الشخصية - وهذا الهدف الأخير هو أهم هذه الأهداف جميعا. وربما كان قدر كبير من هذه الجهود غير واع أو غير واضح المعالم، غير أنه لا مفر لنا من بذلها. فبعض النظر عن عمرنا أو مهنتنا، أو تعليمنا، أو المدينة التي نعيش فيها، فإن هذا الجهد يمثل الحد الأدنى من النشاط العقلي على المستوى الإنساني للوجود.
Bog aan la aqoon