أبويه.
فلمّا سار فيهم هذه السيرة، ثقل على بعض الناس فعله، وكرهوا مكانه.
فخرج الزّبير وطلحة- ﵄ بعد ما بايعاه إلى مكة، وكانت عائشة زوجة الرسول- صلوات الله عليه وسلامه- بمكّة. قد خرجت إليها ليالي حوصر عثمان بن عفّان- ﵁ فاتّفقا معها على عدم الرّضا بإمارة عليّ، وعلى الطّلب بدم عثمان، ونسبوا عليّا- ﵇ إلى أنّه ألّب [١] الناس على عثمان وجرّأهم على قتله وما زال عليّ ﵇ من أكبر المساعدين لعثمان الذّابين عنه، وما زال عثمان يلجأ إليه في دفع الناس عنه فيقوم- ﵇ في دفعهم عنه القيام المحمود- وفي آخر الأمر لمّا حوصر عثمان، أرسل عليّ- ﵇ ابنه الحسن- ﵇ لنصرة عثمان ﵁. فقيل: إن الحسن ﵇ استقتل مع عثمان، وكان عثمان يسأله أن يكفّ فيقسم عليه وهو يبذل نفسه في نصرته. وأمّا طلحة- ﵁ فإنه كان من أكبر المساعدين على عثمان. وهذا ما تشهد به جميع التواريخ.
وأمّا عائشة- ﵂ فإنّها كانت قد خرجت من المدينة إلى مكّة ليالي حوصر عثمان بن عفّان، ثم رجعت من مكّة إلى المدينة، فلقيها في الطريق بعض أخوالها فقالت له: ما وراءك؟ قال: قتل عثمان، قالت: فما صنع الناس بعده؟ قال: بايعوا عليّا، قالت: ليت هذه [٢] انطبقت على هذه إن تمّ الأمر لصاحبك!! ثمّ رجعت إلى مكّة وهي تقول: قتل والله عثمان مظلوما، والله لأطلبنّ بدمه. فقال لها الرجل: لم؟ والله إنّ أوّل من أمال حروفه [٣] لأنت، والله لقد كنت تقولين: اقتلوا (نعثلا) فقد كفر- وكان ذلك لقبا لعثمان- فقالت:
إنّهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا وقولي الأخير خير من قولي الأوّل. ولمّا رجعت إلى مكّة اتّفقت مع الزّبير وطلحة على ما ذكرناه، من الطّلب بدم عثمان،