126

Fakhri Fi Adab

الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية

Baare

عبد القادر محمد مايو

Daabacaha

دار القلم العربي

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Goobta Daabacaadda

بيروت

حتّى ردّوه. فلمّا رجع إلى الكوفة أقبلت الشّيعة تختلف [١] إليه يبايعونه، حتّى أحصى ديوانه خمسة عشر ألفا من أهل الكوفة، سوى أهل المدائن والبصرة، وواسط والموصل [٢] . وأهل خراسان والريّ وجرجان والجزيرة وأقاموا بالكوفة شهورا ثم تمّ الأمر لزيد وخفقت الألوية على رأسه. قال: الحمد للَّه الّذي أكمل لي ديني، والله إنّي كنت أستحيي من رسول الله- ﵌ أن أرد عليه الحوض [٣] غدا، ولم آمر في أمّته بمعروف، ولم أنه عن منكر فلما اجتمع الناس مع زيد أظهر أمره، ونابذ من خالفه فجمع له يوسف [٤] بن عمر جموعا وبرز إليه وعبّأ كلّ منهما أصحابه والتقى الفريقان، وجرى بينهم قتال شديد فتفرّق أصحاب زيد عنه وخذلوه، فبقي في شرذمة يسيرة فأبلى هو- ﵁ بلاء حسنا، وقاتل قتالا شديدا فجاءه سهم فأصاب جبينه فطلب حدّادا فنزع السّهم من جبينه فكانت فيه نفسه فمات- ﵁ من ساعته، فحفر له أصحابه قبرا في ساقية ودفنوه فيه وأجروا الماء على قبره خوفا أن يمثّلوا به، فلما استظهر يوسف بن عمر أمير الكوفة تطلّب قبر زيد فلم يعرفه، فدلّه عليه بعض العبيد فنبشه وأخرجه فصلبه، فبقي مدّة مصلوبا، ثمّ أحرق وذرى رماده في الفرات ﵁ وسلّم عليه، ولعن ظالميه وغاصبيه حقّه، فلقد مضى شهيدا مظلوما) . وفي أيّامه انبثّت دعاة بني العبّاس في البلاد الشرقيّة، وتحرّكت الشيعة خفية وغزت جنود هشام التّرك بما وراء النّهر، وكانت لجنوده الغلبة، ثمّ بعد ذلك قتل خاقان.

[١] تختلف إليه: ترد على منزله جيئة وذهابا. [٢] المدائن والبصرة وواسط والموصل: من مدن العراق، والأولى كانت عاصمة الفرس. [٣] الحوض: مورد الماء العذب الموعود به بالجنّة. [٤] يوسف بن عمر: أبو يعقوب الثّقفيّ، ولي اليمن ثمّ العراق لهشام بن عبد الملك فقتل سلفه في الإمارة خالد بن عبد الله القسريّ. كان بطّاشا كالحجّاج. حبسه الخليفة يزيد بن الوليد وقتل في سجنه عام/ ١٢٧/ هـ.

1 / 132