102

Subaxii Islaamka

فجر الإسلام

Noocyada

لا تظلمون ولا تظلمون ،

يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ، إلى كثير من أمثال ذلك، وكالتي وردت في الأحاديث: «أحب لأخيك كما تحب لنفسك»، وكما روي من تعاليم الديانات السابقة كالتوراة والإنجيل وأمثال سليمان ونحو ذلك، ثانيها - فلسفة اليونان، وذلك بما نقل منها في العصر العباسي، ومن الأمثلة على ذلك ما تقرؤه في كتاب ابن مسكويه من شرح نظرية أرسطو في أن كل فضيلة وسط بين رذيلتين، ومن نظرية أفلاطون في أسس الفضائل الأربعة، وهي: الحكمة والعفة والشجاعة والعدل، ونحو ذلك، ثالثها - وهو الذي يهمنا هنا - نوع من الحكم والجمل القصيرة تصاغ صوغ الأمثال، أو حكايات تنقل فيها أخبار الملوك ووزرائهم ووعاظهم والحكماء في زمنهم، وما جرى على ألسنتهم، وهذا النوع غمر كتب الأدب، وتأثرت به الأخلاق في الإسلام أكثر من تأثرها بالفلسفة اليونانية؛ ذلك لأنه أقرب إلى العقل العربي؛ فقد أبنت لك قبل أن العقل العربي لا يميل كثيرا إلى البحث المنظم المفصل، ويفضل أن تركز تجارب السنين الطويلة في الكلمات القصيرة، وتؤلف من ذلك جمل، كل جملة في معنى خاص، فكلمة في الشجاعة، وكلمة في الكرم، وثالثة في الوفاء، فأما أما تذكر الشجاعة وتفصل وينظر إليها من جميع نواحيها وفي الأسباب الباعثة عليها ونحو ذلك، فهذا بعيد عن الذوق العربي والعقل العربي وهو بالعقل اليوناني أشبه، ومن أجل هذا لما عثر العربي على هذا النوع من الحكم أعجب به ونقله وأضافه إلى ما كان له في الجاهلية، وكان للفرس في ذلك الشيء الكثير، إما مبتكر من عند أنفسهم، أو منقول من الهند عن طريقهم؛ وأوضح مثل لذلك الأدب الصغير والأدب الكبير لابن المقفع الفارسي، هذا في العصر العباسي، وقبله في العصر الأموي كانت هذه الحكم تنقل ويتداولها العلماء، ويتأدب بها الناس، كما ترى في كثير من كلمات الحسن البصري الفارسي، وتجد كثيرا منها في كتاب عيون الأخبار لابن قتيبة، وسراج الملوك للطرطوشي، والتاج والعقد الفريد.

ومما يلاحظ هنا أن الذوق العربي في هذا النوع من الحكم يشبه مشابهة تامة الذوق الفارسي؛ فالحكم التي تنسب لأكثم بن صيفي في الجاهلية والإمام علي في الإسلام، والتي تنسب لسادات العرب كالأحنف بن قيس، وروح بن زنباع، تشبه في قوالبها وصيغها واتجاه النظر فيها ما يروى في كتب الأدب عن بزرجمهر، وإبرويز، وموبذ موبذان ونحوهم، حتى لقد عقد ابن عبد ربه فصلا في كتابه العقد الفريد تحت عنوان: «أمثال أكثم بن صيفي وبزرجمهر»، ولم يبين ما لكل منهما، فكان من الصعب التمييز في أكثرها بين ما هو لأكثم وما هو لبزرجمهر

7 .

والآن أقص عليك نموذجا صغيرا من هذه الحكم الفارسية: (1)

قال بزرجمهر: «إذا اشتبه عليك أمران، فلم تدر في أيهما الصواب فانظر أقربهما إلى هواك فاجتنبه». (2)

كتب إبرويز إلى ابنه شيرويه: «اجعل عقوبتك على اليسير من الخيانة كعقوبتك على الكثير منها، فإذا لم يطمع منك في الصغير لم يجترأ عليك في الكبير، وأبرد البريد في الدرهم ينقص من الخراج، ولا تعاقبن على شيء كعقوبتك على كسره، ولا ترزقن على شيء كرزقك على إزجائه، واجعل أعظم رزقك فيه، وأحسن ثوابك عليه، حقن دم المزجي وتوفير ماله، من غير أن يعلم أنك أحمدت أمره حين عف واعتصم من أن يهلك». (3)

قال كسرى ليوشت المغني وقد قتل فهلوذ: «في رواية الأغاني فهليذ» حين فاقه وكان تلميذه: «كنت أستريح منه إليك ومنك إليه، فأذهب شطر تمتعي حسدك، ونغل صدرك»، ثم أمر أن يلقى تحت أرجل الفيلة، فقال: «أيها الملك إذا قتلت أنا شطر طربك وأبطلته، وقتلت أنت شطره الآخر وأبطلته، أليست تكون جنايتك على طربك كجنايتي عليه؟»، قال كسرى: «دعوه! ما دله على هذا الكلام إلا ما جعل له من طول المدة». (4)

قال كسرى: «احذروا صولة الكريم إذا جاع، واللئيم إذا شبع». (5)

قال أردشير بن بابك: إن للآذان مجة، وللقلوب مللا، ففرقوا بين الحكمتين. (6) «في سير العجم: أن رجلا وشى برجل إلى الإسكندر، فقال: أتحب أن نقبل منه عليك ومنك عليه؟ قال: لا، قال: فكف الشر يكف عنك الشر».

Bog aan la aqoon