271

Waaberiga Damqashada

فجر الضمير

Noocyada

وكالنعجة الصامتة أمام من يجزها، فهكذا

هو لم يفتح فاه.

أشعيا 53: 7

وكان الحكيم «أمينموبي» يجد دائما مثله الأعلى في الرجل الصامت الذي يترك أمره لله.

والآن وقد علمنا أن كتابه كان يقرأ في «أورشليم»، وأن الحكماء والأنبياء العبرانيين كانوا ينتخبون منه المختارات ويقتبسون الاقتباسات، فإنه يجدر بنا أن نتساءل عما إذا كانت فكرة المتألم الصامت عند بني إسرائيل لا ترجع في أصلها إلى الاجتماعيين المصريين. وعلى أية حال فإنه صار من الواضح الآن أن المثالية الاجتماعية التي قامت على سمو التقدير للأخلاق، والتي هي أقدم ما عرف لنا من مذاهب تفويض الأمور للأقدار، بل كانت في ذلك العصر المذهب الوحيد من نوعه، قد ظهرت في مصر قبل سنة 2000ق.م، وكانت نفس الكتب التي تحتوي عليها يقرؤها في «أورشليم» أولئك الرجال الذين أنتجوا تلك الكتابات التي نسميها الآن «العهد القديم».

وكيف كان يمكن أن يكون الأمر غير ذلك؟ فكما أننا نجد الآداب الأوروبية الحديثة قد نمت مشبعة بما ورثناه من قديم أدب الإغريق والرومان، كذلك كان محتما أن يتأثر العبرانيون في فلسطين كل التأثر في أفكارهم وكتاباتهم بآداب تلك الأمة العظيمة التي قبضت على زمام فلسطين ووضعتها تحت سيطرتها الثقافية والسياسية مدة تفوق مدة نفوذ «روما» في بلاد الغال (فرنسا القديمة).

وعلى ذلك فإن تراثنا الخلقي الديني العظيم الملهم الذي انحدر إلينا من العبرانيين يمكن التسليم بصفة قاطعة بأنه ميراث مزدوج.

فهو أولا: قد تكون من خبرة بضعة آلاف من السنين مارسها الشرق الأدنى القديم، وبخاصة مصر، قبل ظهور الأمة العبرانية.

وثانيا: أن تلك الخبرة قد رسخت قدمها بشكل مدهش وزيد عليها بما اكتسبه العبرانيون أنفسهم من التجارب الاجتماعية المتواصلة، على يد أولئك الأنبياء والحكماء الإسرائيليين.

وقد كان تبادل عوامل الثقافة بين فلسطين وجيرانها من كل الجهات واضحا منذ زمن بعيد على أساس ما لدينا من الكتابات العبرانية فقط، فهذه الكتابات تكشف لنا عن دوام مرور قوافل التجارة الأجنبية بهذه الأنحاء، فحينما كان العبرانيون في حاجة إلى الحدادين فإنهم كانوا يجلبونهم من المدن الفلسطينية، واقتبس مهندسو «سليمان» تصميم معبده في «أورشليم» من تصميم معبد مصري، وكذلك مهرة الصناع الذين قاموا ببنائه فقد أرسلهم «هرام» ملك «صيدا» إلى صديقه «سليمان»، وتزوج «إهاب» ملك بني إسرائيل من أميرة فينيقية وتولى حمايتها في إحضار آلهة لها أجنبية عن العبرانيين، وغيره من تلك الأمثلة التي لا حصر لها.

Bog aan la aqoon