Ernest Herzfeld
8
في تقرير عن أعماله في الآثار الفارسية القديمة أنه كان ينقل نقوشا طويلة، لم تكن قد نشرت بعد، على واجهة قبر الملك «دارا الأكبر» وأن هذا النقش يحتوي على بيان خلقي، وعلى المثل الأعلى للسلوك، فيقول «دارا» مثلا:
لقد أحببت الصواب، وأما الخطأ فلم أحبه.
وكانت إرادتي عدم ارتكاب أي ظلم ضد أية أرملة أو يتيم.
ولم تكن إرادتي أن يحيق ظلم باليتامى أو الأرامل.
ولقد عاقبت الكاذب عقابا صارما.
وأما الذي يكد فإني كافأته مكافأة حسنة.
ويجب علينا أن ننتظر نشر النص الكامل لهذه الرسالة الجديدة المدهشة التي جاءتنا من الملك «دارا الأكبر»، غير أنه من المدهش أن المقتطفات التي أرسل بها إلي الأستاذ «هرزفلد» يشبه رنينها في الأذن صدى التعاليم الاجتماعية التي نطق بها الحكماء المصريون القدماء، هذا ولدينا الآن الأدلة الوافرة على أن التطور الديني الذي أحرزه العبرانيون بعد عودتهم من المنفى (في بابل) كان متأثرا بتعاليم «زروستر»، وأنه يجب لذلك أن نضيف إلى المؤثرات الدولية التي تعرضت لها الخلقيات العبرانية، التعاليم التي جاء بها هذا النبي «الميدي الفارسي» العظيم «زروستر».
وكان قد نما قبل ظهور الملكية العبرانية في أواخر القرن الحادي عشر، مجموعة كبيرة من الأمم المتحضرة على طول الطرف الشرقي للبحر الأبيض، تقع بين بلاد الحيثيين شمالا وتخوم مصر جنوبا. والأرجح أن أهم هذه الشعوب من وجهة تاريخ المدنية هم الفينيقيون، وقد كانت بعض العناصر الهامة في المدنيتين البابلية والمصرية القديمة عاملا جوهريا في تكييف الحياة والثقافة في مدن الساحل الفينيقي الزاهرة التي كانت تتألف منها المراكز التجارية الفينيقية، ومن ثم كان من السهل أن تدخل هذه الخيوط الأجنبية في نسيج ثوب الحياة العبرانية. وعلى أية حال فنحن لا نعلم شيئا تقريبا عن نوع التطور الخلقي عند الفينيقيين.
Bog aan la aqoon