ثم يقول: «سأضع هذه اللوحة باسمك وسأسجل هذه الأنشودة بكتابتها فوقها، إذا شفيت لي الرسام «نخت آمون». هكذا خاطبتك وقد أجبتني، والآن انظر إلي وقد أنجزت وعدي، إنك رب من يدعوك، أنت الذي ترضى عن الحق والعدالة، أنت رب «طيبة».»
صنعها الرسام «نب رع» وابنه «خاي».»
وهكذا صار إله الشمس أو «آمون» الذي قام مقامه، ملاذا للمحزونين، فهو الذي يسمع الشكوى ويجيب دعاء من يستغيث به، والذي يحضر عند ذكر اسمه، وهو الإله المحب الذي يسمع الصلوات، والذي يمد يده إلى الفقير وينجي اليائس، وبمثل ذلك الأم المصابة التي أهملها ابنها «ترفع ذراعيها للإله فيسمع استغاثتها.»
وصارت آنئذ العدالة الاجتماعية التي نشأت في عهد الدولة الوسطى المصرية حقا يطالب به كل فقير أمام الإله، الذي صار هو نفسه قاضيا عادلا لا يقبل الرشوة، رافعا للحقير، حاميا للفقير، غير باسط يده للغني.
وعلى ذلك يدعوه الفقير فيقول: «يا آمون، أصغ لمن يقف وحيدا في المحكمة فقيرا وخصمه غني، فتضطهده المحكمة (حيث تقول): «فضة وذهبا للكتاب! وثيابا للخدم» ولكن «آمون يستحيل بنفسه إلى وزير أول
3
ليجعل الفقير فائزا، فيتضح أن الفقير على حق وينتصر الفقير على الغني. فأنت يا «آمون» أنت النوتي في المقدمة الذي يعرف الماء، وأنت ساكن السفينة، والذي يعطي الخبز لمن لا خبز عنده، ويحفظ خادم بيته حيا.» ولأن الإله وقتئذ هو «آمون رع» الذي كان في الصورة الأولى ملكا فإننا نجده يخاطب هكذا: «يا إله الأزلية، أنت يا وزير الفقير الذي لا يأخذ المكافأة الدنيئة، والذي لا يقول: «إيت بشهود»، أنت «آمون رع» الذي يعدل على الأرض بأصبعه، والذي كلماته أمام القلب، فيجعل النار مأوى لمن يرتكب الخطيئة في حقه، والمحق مثواه في الغرب (يعني النعيم في الدار الآخرة).»
فالغني والفقير يحيق بهما غضب الإله على السواء إذا وقعت منهما الخطيئة، واليمين الذي يصدر استخفافا أو كذبا يجلب غضب الإله فيصيب الحانث المرض أو العمى، وذلك ما لا يمكن النجاة منه - كما ذكرنا - إلا إذا أتبع المذنب ذلك بالتوبة والندم والتجأ إلى التذلل والخضوع راجيا عطف إلهه.
وهذه أول مرة نجد فيها أن «الضمير» قد تحرر تماما، فيعتذر المذنب ويندم على جهله وارتكابه الإثم، فنراه يقول:
أنت يا واحد يا من لا أحد غيره
Bog aan la aqoon