بسم الله الرحمن الرحيم
رب تممه بمنك
اللهم بحمدك أستفتح، وبدعائك أستنجح، وبجودك أستمنح وبشكرك أستريح، وبرحمتك أستروح، وبنصحك أستنصح، وبهدايتك أستوضح، وبنورك أستصبح.
فلولا الهداية لما كانت الدراية، ولولا الزيادة في العناية، لما كانت الكفاية في النهاية، ولولا سطوع الأنوار على سطح الأفكار لما أطلع على الأسرار، وأشرف على الأغوار.
اللَّهُمَّ فلك الحمد، على ما اختصصت به من صفات الجلال، ونعوت الكمال، حمدًا تتضاءل بجنبه بلاغة البلغاء، وتقاصر عن إدراكه عقول العقلاء، ولك الشكر على ما أوليت من الإنعام الجميل، وأسديت من الإحسان الجزيل، شكرًا يليق بالعبيد، ويستدعي المزيد، ويرضي المجيد، منجز الوعد والوعيد، الفعال لما يريد، وهو أقرب من حبل الوريد.
والصلاة والسلام على الرسل الكرام، سادة الأنام، خصوصًا على المبعوث بالدين المتين، والمرسل بالشرع المبين، الهادي إلى الصراط المستقيم الداعي إلى النعيم المقيم، محمد خاتم الأنبياء، وسيد الأصفياء وعلى آله وصحبته، أئمة الأتقياء، وقادة الأولياء.
أما بعد:
فإنه لما كمل كتابنا المسمى: "نهاية الوصول في دراية الوصول" في أصول الفقه، مطولا، مبسوط العبارة مسحوب الاستعارة مشروح البيان، موضح التبيان، يصعب تحصيله على المحصلين، وتعلمه على المتعلمين، دون بحثه وتدبره على المتبحرين - رأيت أن أؤلفه مختصرًا فيه، يعم به النفع، وينتفع به الفذ والجمع، سهلًا حفظه، قريبا تناوله حاويًا لمسائله، واعيا لمباحثه، محيطا بأدلته شاملًا لأسئلته وأجوبته، إلا ما قل، مع زيادات لطيفة، وأنظار دقيقة، يظهر المعنى من لفظه، والفحوى من ظاهره، من غير تكلف ولا تعسف، لئلا يصعب على الفكر حله، والخاطر ذكره، وسميته: «الفائق» ليطابق الاسم المسمى، والكنية المكنى، لأنه يفوق المختصرات المصنفة في هذا الفن لغزارة الفوائد، وكثرة الفرائد، مع الإيجاز المتوسط بين طرفي التفريط والإفراط.
وقد قيل: "خَيْرُ الأمورِ الأوساط".
1 / 33