Fahminta Fahminta
فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر
Noocyada
Significance
أو «معنى»
Meaning ، هذه الدلالة أو هذا المعنى هو ما تحصره الماهية وتقبض عليه، وبدون هذه الماهيات أو هذه الدلالات فإن الأشياء لن تعني لنا أي شيء على الإطلاق، إن الماهيات تسبغ المعنى والدلالة على الأشياء وعلى خبرة الأشياء، وهذه الماهيات، بما تسبغه من دلالات، هي الظواهر القصوى للوعي، ويؤكد هسرل، بطريقة ديكارتية، أن ماهية الشيء هي تلك الخصائص التي يحوزها الشيء يقينا لا يقبل الشك؛ إذ بدون هذه الخصائص الماهوية لن يعود الشيء ماثلا بوصفه ذلك النمط من الأشياء على الإطلاق، إن هذا المعنى العام هو القاسم المشترك الثابت بين جميع تمثلاتنا المختلفة للشيء الواحد (عندما نطوف حول الشيء على سبيل المثال ) والذي يوحد هذه التمثلات المتباينة في إشارتها إلى الموضوع نفسه، هكذا يكون وعينا ب «منزل» مثلا لا يعني منزلا إلا بفضل احتوائه على ماهية المنزل، وبهذه الطريقة تتعالق الأفعال الشعورية المتفاوتة وتتوجه نحو «منزل» لا نحو أي شيء آخر.
6 (6) معنى الشيء غير وجوده
تعزى إلى فريجه الفكرة القائلة بأن التعبيرات قد تحمل معنى أو مفادا حتى لو لم يكن هناك شيء أو «مشار إليه» (مرجع)
Referent
ينطبق عليه هذا المعنى، المعنى إذن مستقل عما إذا كان هناك أي شيء يفي بهذا المعنى، أو، بتعبير آخر، المعنى هو شأن منفصل عما إذا كان الموضوع المعني أو المقصود موجودا أو غير موجود، وفضلا عن ذلك فمن الجائز لتعبيرات مختلفة أو أوصاف مختلفة أن تشير إلى نفس الشيء؛ وذلك إما لأنها تحمل معنى واحدا، أو لأنها تحمل معاني مختلفة تمثل أحوال تواجد نفس الموضوع الواحد، من ذلك مثلا: «نجم الصباح» و«نجم المساء»؛ إذ تعين كوكب الزهرة، أو «1 + 1» و«5 − 3»؛ إذ تعين العدد 2، ولو كان معنى التعبير هو هو مرجعه (أي الشيء الذي يشير إليه) لأمكنني إذا فهمت تعبيرين أن أعرف إن كانا يشيران إلى شيء واحد أم إلى شيئين مختلفين، ولو كان فهم معنى تعبير ما هو أن أعرف مرجعه، لكان من المحال علي لو فهمت المقصود ب «نجم الصباح» و«نجم المساء» أن أخطئ في إدراك أنهما يشيران إلى الشيء نفسه، وهو كوكب الزهرة، ما دام فهم معنى التعبيرين يتضمن في كل حالة معرفتي بمرجعهما المشترك، من الواضح أن مثل هذه النتيجة زائفة، ومن البين أن عبارة «نجم الصباح هو هو نجم المساء» هو كشف معرفي لعلم الفلك وليس مكافئا للعبارة المنطقية النافلة «أ = أ»، وصفوة القول أنه من الواضح أن من الممكن وجود تعبيرات لها معنى وليس لها مرجع
Referent (مشار إليه)؛ ومن ثم فإن علينا ألا نوحد بين المعاني وبين مراجعها، وأن نعرف أن المعاني مستقلة عن مراجعها، ولسنا بحاجة بعد إلى افتراض «وجود» بيجاسوس حتى يكون لتعبير «بيجاسوس» مفاد معين ومن ثم يكون ذا معنى.
7 (7) قدرتنا الأصلية عن معاينة الماهية
يسلم هسرل بأننا نحتاج إلى أن نخبر حالات فردية للأبيض لكي نفهم ماهية «البياض»، غير أن المرء إذن يعي مباشرة ماهية البياض ما دام يرى الشيء كشيء أبيض، فرؤية شيء ما بوصفه شيئا أبيض يتضمن أن المرء يفهم أصلا ما هو البياض، فالأشياء إنما تدرك بدلالة معينة، ومن الخطأ أن نظن أن فهمنا لماهية البياض أو تصور البياض مستمد باستقراء سلسلة من الأشياء البيضاء واستخلاص الخاصية المشتركة بينها؛ ذلك لأن هذه العملية تتضمن سلفا قدرتنا على تمييز الأشياء البيضاء، فنحن هنا نتخير بالفعل بعض الأشياء كأشياء بيضاء وننبذ الأخرى، ووجه الأمر أننا إذ نرى شيئا ما كشيء أبيض فنحن في هذا الفعل الذهني عينه نعاين ماهية الأبيض ونراها بالحدس، إن لدينا قدرة أصيلة على تمييز الأشياء البيضاء، والفينومينولوجيا تصدع بهذا الوعي بالماهية الكامن في هذه القدرة، وشبيه بذلك تلك الطريقة التي نستطيع بها أن نتعرف مثلا على الرجل الذي سطا على البنك (سوف أعرفه لو رأيته، وهو أساس عملية استعراض المشتبه بهم للتعرف على الجاني) وإن كنا عاجزين تماما عن الإدلاء بأي وصف محدد للرجل، وتهدف الفينومينولوجيا إلى بلوغ حالة ذهنية يمكن بها مثل هذا الإفصاح الوصفي الحدسي عن الماهية، وذلك باطراح كل ما هو غير ضروري ولا كاف للموضوع الظاهري لكي يكون هو ما هو، هنالك تبقى لنا بقية ماهوية، خلاصة ماهوية، من الخصائص الضرورية والكافية التي سوف تمنحنا حقائق يقينية وضرورية.
Bog aan la aqoon