Fahminta Fahminta
فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر
Noocyada
Understand
تعبيرات الحياة.» بوسع الفهم أن يحيط بالكيان المفرد بينما يتعين على العلم دائما ألا ينظر إلى «الفردي»
Individual
إلا كوسيلة لبلوغ «الكلي» أو الوصول إلى «النمط»
Type ، ونحن في مجال الفنون بصفة خاصة نقدر «الجزئي» لذاته، ونتلبث بحب في تفهم الظاهرة في فردانيتها ، هذا الشغف المستغرق في الحياة الداخلية الفردية يقف على نقيض أساسي من موقف العلوم الطبيعية وإجراءاتها، وعلى الدراسات الإنسانية، كما يؤكد دلتاي، أن تحاول صياغة منهج للفهم يتجاوز الموضوعية الردية
Reductionist Objectivity
للعلوم، وأن تعود إلى امتلاء «الحياة»، امتلاء الخبرة الإنسانية.
هذه هي الخطوط الرئيسية لتصور «دلتاي» عن العلوم الإنسانية، فهل يمكن تبرير هذا الفصل الصارم بين العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية؟ الحق أن أغلب المفكرين، بما فيهم بعض من أشد المؤيدين لدلتاي، يرون غير ذلك، من ذلك أن جورج ميرش قد أدرك منذ البداية أن التوفيق المثمر بين المنهجين هو أمر ممكن ومطلوب، كما لاحظ بولنو بحق أنه إذا كان هذا الفصل مفيدا في الفهم النظري لهذين الفرعين الكبيرين من المعرفة، فمن المفيد بنفس الدرجة أن نسلم بأن «الفهم» ليس مقصورا على الدراسات الإنسانية ولا «التفسير» السببي مقصورا على العلوم الطبيعية، بل إن كليهما يعمل متآزرا مع الآخر بدرجات مختلفة في كل فعل حقيقي من أفعال المعرفة، ومن المفارقات الساخرة أن بإمكاننا من موقعنا الحالي أن نرى إلى أي مدى تسللت التصورات العلمية وحتى النزعة التاريخية (التي جهد «دلتاي» للتغلب عليها) إلى تصوره عن الدراسات الإنسانية، ذلك أن بحثه عن «المعرفة الصائبة موضوعيا» كان بحد ذاته تعبيرا عن المثل الأعلى في العلوم وهو البحث عن المعطيات الواضحة الخالصة، وقد أدى ذلك من حيث لا يدري إلى توجيه فكره نحو استعارات وصور مكانية لا زمانية للحياة العقلية، وهي صور تلائم التفكير العلمي، ومن جهة أخرى فقد أدت به تعاليم شلايرماخر إلى تصور للفهم على أنه إعادة بناء وإلى شيء من النزعة السيكولوجية لم يتخلص منها إلا بجهد جهيد، وذلك عندما تحول إلى تأسيس نظريته على الهرمنيوطيقا بدلا من تأسيسها على صنف جديد من السيكولوجيا.
ومهما يكن من شيء، فإن مشروع دلتاي لفهم الحياة وتعميق الجانب التاريخي للفهم ونقده الحاد للنزعة العلمية المتطرفة التي تسللت إلى الدراسات الإنسانية؛ كل أولئك قد لعب دورا كبيرا في الهرمنيوطيقا منذ دلتاي، ونحن نرى فكر دلتاي استباقا لبعض الأهداف الأساسية للتأويل وافتتاحا لبعض المشكلات الجوهرية للهرمنيوطيقا بوصفها مشكلات، وقد قدر لهيدجر أن يؤسس على هذه الأهداف، ومن الجلي أنه رجع إلى دلتاي في محاولته لتجاوز الميول العلمية الراسخة في أستاذه إدموند هسرل.
4 (3) الصيغة التأويلية عند دلتاي: «الخبرة، التعبير، الفهم»
Bog aan la aqoon