Fahminta Fahminta
فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر
Noocyada
حول دراسة الطبيعة البشرية كظاهرة طارئة (حادثة)
Contingent
تاريخيا، كان فيكو هو الخصم الأول لمنظور ديكارت للعلم والنصير الأساسي لعلم تاريخي متميز، في كتابه «العلم الجديد» يسلم فيكو بتميز الطبيعة البشرية والتاريخ البشري، ويخلص من ذلك إلى استحالة تطبيق نماذج العلم الطبيعي على الطبيعة الإنسانية، ويعلن أن الدراسة العلمية للطبيعة الإنسانية لا بد لها أن تقوم على أساس صيغة إنسانية بحتة من التفاعل والتفاهم.
يرى «فيكو» أن هناك هوة لا يمكن اجتيازها بين البشري والطبيعي، بين ما شيده البشر وما هو معطى في الطبيعة، لم يصنع الإنسان الأعمال الفنية والقوانين وحسب، وإنما صنع التاريخ كذلك، حتى هذه النقطة لا يوجد اختلاف بين فيكو وبين ديكارت، يبدأ الاختلاف الجذري بين فيكو وبين ديكارت وخلفائه الذين كانوا يبتغون علما موحدا يقوم على غرار العلوم الطبيعية حين يذهب فيكو إلى أن منتجات العمل البشري، كالفن والقانون والتاريخ نفسه، وبالضبط لأنها من صنع الإنسان، يمكن فهمها فهما أفضل من فهم العالم الطبيعي، حيث إن هذا العالم الطبيعي هو عالم «مغاير» لنا بشكل لا حيلة فيه وغير قابل لأن نعرف حقيقته النهائية. إن أية محاولة لدراسة البشر على أنهم كيانات طبيعية صرف، شأنهم شأن الأنهار والنباتات والأحجار، هي عمل يقوم على خطأ أساسي، ونحن البشر - فيما يتعلق بأنفسنا ملاحظين - نتمتع بامتياز خاص هو الرؤية من الداخل (الرؤية الباطنة)، ويعد تجاهل ذلك سعيا وراء مثال من العلم الموحد لكل ما هو موجود وطريقة عالمية مفردة للبحث، يعد إصرارا على الجهل وتعمدا له.
ذهب «فيكو» إلى أن الطبيعة الإنسانية لا يمكن أن تفهم إلا من خلال تحليل تاريخي للغة والأسطورة والطقوس، كان فيكو يؤمن بأن «علمه الجديد» يمكن أن يؤدي إلى مجموعة عالمية من المبادئ الخاصة بالطبيعة الإنسانية، ذلك أنه حتى المجتمعات التي لا يوجد بينها أي اتصال تواجه نفس المشاكل الوجودية.
3
أخذ «دلتاي» بتعاليم «فيكو» كما أسلفنا وذهب إلى أن الدراسات الإنسانية متاح لها شيء غير متاح للعلوم الطبيعية، وهو إمكان فهم الخبرة الداخلية لشخص آخر من خلال عملية انتقال ذهني ملغزة وسرية، يرى دلتاي، مقتفيا في ذلك أثر شلايرماخر، هذا الانتقال بوصفه إعادة تشييد أو إعادة معايشة لعالم الخبرة الداخلية لشخص آخر، غير أن اهتمامنا لا ينصب على الشخص الآخر بل على العالم نفسه، وهو عالم ننظر إليه كعالم «اجتماعي- تاريخي»، إنه عالم الأوامر الأخلاقية الداخلية، عالم مشترك من المشاعر والاستجابات ومن الخبرة المشتركة بالجمال، وإن لدينا القدرة على النفاذ إلى هذا العالم الإنساني الداخلي، «لا من خلال «الاستبطان»
Introspection
بل من خلال التأويل، أي فهم تعبيرات الحياة وقراءة بصمة الإنسان على الظواهر وفك رموزها.»
الفرق إذن بين الدراسات الإنسانية والعلوم الطبيعية لا يكمن بالضرورة في صنف مختلف من الموضوعات في حالة الدراسات الإنسانية أو في صنف مختلف من الإدراك، إنما يكمن الفرق في السياق الذي يتم فيه فهم الموضوع المدرك، فقد تستخدم الدراسات الإنسانية في بعض الأحيان نفس الموضوعات أو «الوقائع»
Bog aan la aqoon