Fahminta Fahminta

Cadil Mustafa d. 1450 AH
191

Fahminta Fahminta

فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر

Noocyada

يلتقي نيتشه مع ماركس في اتخاذ منهج التأويل والبحث عن الأصل في صميم الواقع: إن الأفكار والقيم منتجات يقتضي توضيحها الكشف عن شروط وجودها، ففكرة الضرورة تستند عند نيتشه إلى فكرة النشوء العيني، بخلاف منهج الميتافيزيقا الذي يتمثل في الصعود إلى أساس خارق للطبيعة، فمفهوم «الجينيالوجيا»

Genealogy

يفيد البحث عن نشأة الظواهر الإنسانية وتطورها، أي معرفة الأصل والصيرورة، بدلا من العمل على إضفاء مصدر مفارق إلى نظام جامد من البنى النهائية الثابتة، إن الماضي لا ينقرض في حقيقة الأمر، إنه حاضر في الحاضر، وهذا الحاضر يمثل إشكالا بسبب الأوهام العديدة التي يحدثها في ذهن الإنسان دون وعي منه.

إن الإنسانية في نظر نيتشه تعيش على عبادة الأصنام: أصنام في الأخلاق، وأصنام في السياسة، وأصنام في الفلسفة، تلك آلهة باطلة اخترعتها ثم عبدتها، فكان أن ضلت سواء السبيل، وأخذت تتخبط وتتدافع حتى انقضت على نهايتها، وكأنها كانت تريد منذ البدء الفناء، فإذا كنا نريد أن نخلص الإنسانية من هذه الحالة، وأن نفتح لها طريقا فسيحا معبدا أمام مستقبل زاهر، وإذا كنا حريصين حقا على أن نجعل لوجودنا معنى ساميا ، وأن نرتفع بالحياة في سلم التصاعد نحو القداسة ونحو العلاء، فلنصطنع الشجاعة في أروع مظاهرها، والصراحة في أفضح صورها؛ كي نواجه أنفسنا وأحوالنا في صبر وثبات، غير خجلين ولا مستحين، فليس في الخجل أو الاستحياء شفاء من أي داء، «ومن يرد الخلق والإبداع، في الخير أو في الشر، لا بد أن يبدأ اولا بالإفناء وإهدار القيم!» يقول نيتشه : «إنني أحلم بقيام جماعة من الرجال تامين مطلقين، أشداء لا يتهاونون ولا يتساهلون، يطلقون على أنفسهم اسم «الهدامين» فيخضعون كل شيء لنقدهم، ويضحون بأنفسهم من أجل الحقيقة، يجب أن يظهر كل ما هو شر وباطل في وضح النهار ... فالعقل الحر لا يجزع إذا رأى من الآراء ما يخالف المألوف، فله مطلق الحق في أن يخلق من الأفكار الجديدة ما يستطيع، أما العقل المستعبد فهو الذي يرى صوابا كل ما له ماض طويل، وكل ما يبدو اعتقاده سهلا، وكل ما هو نافع، وأخيرا كل ما ضحى من أجله، فلا يود أن يتصور أن كل هذه التضحية ذهبت عبثا.»

9

يذهب نيتشه إلى أن التأويل بطبيعته «يعتمد على المنظور الشخصي»

وهو يقع دائما خارج تخوم الموضوعية

بل لا يمكن الفصل بينه وبين مصالح الذين يملكون زمام الأمور في ثقافة من الثقافات، ومن ثم يمكن الإشارة إلى هذه المصالح باسم مصالح السلطة

، ولا يمكن إماطة اللثام عن هذه المصالح التي تكمن وراء كل تأويل إلا بالبحث عن أنسابها والتنقيب عن أصولها (الجينيالوجيا)، أي بتتبع جذورها في التاريخ وفي المجتمع، فكل تأويل يخضع لشجرة عائلة كثيرا ما يغفل عنها لأنه يستظل بظلها ويأكل من ثمرها.

10

Bog aan la aqoon