Fahminta Fahminta
فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر
Noocyada
كانت راسخة قبل أن يصدر مقاله الشهير «يسوع المسيح والميثولوجيا» عام 1941م، والحق أنه خطا خطواته الأولى في اتجاه النزعة الوجودية في اللاهوت في زمن مبكر يعود إلى عام 1926م حين أصدر كتابه «يسوع»، ومنذ ذلك الحين جعلت الخطوط الرئيسية لفكره تتحدد تباعا وتشكل محاولة جادة لمواجهة أكثر معقولية لمشكلة تأويل العهد الجديد تأويلا ملائما لإنسان القرن العشرين.
قلنا إن اسم بلتمان يقترن عادة بمشروع «نزع الأسطورية»، وهو مصطلح غير موفق لأنه يولد تصورا خاطئا عن عمل بلتمان؛ إذ يوحي بأن «العهد الجديد» بالوضع الذي هو عليه يعتبر خرافيا أو أسطوريا أو غير حقيقي ويلزمه من ثم تكييف وتعديل لكي يلائم نظرتنا الحالية للعالم، ويتعجل برسم صورة للاهوتي عبقري متهيئ لإقصاء العناصر الأسطورية من الأناجيل بوصفها خالية من المعنى، وتقديم إنجيل مختزل لا يبقي إلا على العناصر المقنعة التي يقبلها العقل. هذا التصور عن عمل بلتمان هو تصور خاطئ فاحش الخطأ، فنزع الأسطورة لا يفترض مطلقا حذف العناصر الأسطورية من الأناجيل أو تجاوزها وغض الطرف عنها، بل يؤكد فيها المعنى الأصلي والمكنون، إن نزع الأسطورة لا يعني بحال تطويع الأناجيل لكي تلائم طرائق الرؤية الحديثة، إنما هو موجه ضد نزعة الفهم الحرفية السطحية الثاوية في الأسلوب الحديث في النظر إلى الأمور، ضد ميل عامة الناس (وحتى اللاهوتيين) إلى اعتبار اللغة مجرد معلومات بدلا من النظر إليها كوسيط من خلاله يواجه الله الإنسان بإمكانية فهم ذاتي جديد تماما، فهم غير الفهم الإغريقي وغير الفهم الطبيعي وغير الفهم الحديث، و«نزع الأسطورية» ليس أداة في يد النزعة العقلية لفضح التزييف وتحطيم الأوثان على طريقة فرويد ونيتشه وماركس (فهناك فرق بين «نزع الأسطورية»
Demythologizing
و«نزع التزييف»
Demystification
كما أوضح ريكور)، ذلك أن «نزع الأسطورية» لا يرمي إلى الإطاحة بالرمز الأسطوري وتحطيمه، بل يعتبر الرمز الأسطوري نافذة لنا على «المقدس»، فأن نؤول الرمز يعني أن «نتذكر» معناه الأصلي الحقيقي وإن توارى الآن واحتجب.
من الوضح أن «نزع الأسطورة» عند بلتمان يرمي إلى إحداث تحول في الفهم الذاتي للمرء، ومن الواضح أن بلتمان، في مسألة الفهم الذاتي الوجودي، مدين بالشيء الكثير لهيدجر الذي كان على صلة وثيقة به في أواسط العشرينيات في جامعة ماربورج حيث كان هيدجر يدبج كتابه «الوجود والزمان»، ودون تورط في المبالغة في تأثير هيدجر على بلتمان (الذي جعل البعض، مثل ماكوري، يضاهي بين مفاهيم بلتمان ومفاهيم هيدجر مضاهاة نقطة لنقطة) فلا شك أن هيدجر كان من المؤثرات الحاسمة في فكر بلتمان حول المشكلة التأويلية، وأن هذا التأثير يتجلى بوضوح في مفهوم «نزع الأسطورية» الذي يعد في صميمه مشروعا هرمنيوطيقيا في التأويل الوجودي.
هناك على سبيل المثال تصور بلتمان للإنسان على أنه كائن مستقبلي التوجه وتاريخي الوجود، وهو تصور جد قريب من تصور هيدجر الذي صرح به في «الوجود والزمان»، بل إن هناك ثلاثة جوانب محددة أخرى على أقل تقدير في لاهوت بلتمان يقتفي فيها أثر هيدجر: (1) هناك التمييز بين اللغة المستخدمة كمجرد معلومة ينبغي تفسيرها موضوعيا على أنها حقيقة واقعة وبين اللغة المفعمة بالمغزى الشخصي والسلطة الجديرة بالسمع والطاعة، والتي توازي مفهوم هيدجر عن الطابع الاشتقاقي لعبارات التقرير (وبخاصة المنطق). (2) وهناك فكرة أن الإله (الموجود) يواجه الإنسان ك «كلمة»
Word ، كلغة، وهي توازي الفكرة التي ألح عليها هيدجر حول الطبيعة اللغوية للوجود كما يعرض نفسه للإنسان. (3) وهناك أيضا مفهوم «الرسالة المبلغة»
Kerygma
Bog aan la aqoon