Fahminta Fahminta
فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر
Noocyada
لتلك الدلالة على تناول شيء أجنبي مختلف، بينما تتحلى بذلك كلمة
Hermeneutics
لأنها تشير عادة إلى تفسير نصوص قديمة من لغة أخرى، ومن ثم فهي تؤدي بالضبط معنى الاتصال بشيء مغاير في صميمه ولكنه قابل للفهم رغم ذلك.
من طبيعة هرمس كما قلنا إنه لا ينتمي إلى موضع بعينه وليس له محل إقامة دائم، فهو دائما في الطريق بين هنا وهناك، وعندما يكون المرء في الطريق فهو عرضة لتقلبات الحظ، وحين يعثر المسافر أو التاجر على ثروة مباغتة غير مرتقبة ستكون تلك هبة من هرمس؛ لأنه إله الثراء المفاجئ وضربات الحظ؛ وهو لذلك أصلح من يكون إلها لتأويل النصوص، لأن حل مشكلة تفسيرية ما قد يأتي بتوفيق هرمسي: التأويل ومض مفاجئ، بصيرة مباغتة، والفهم بارقة، والقبض على المغزى حدث خاطف، وهو مثل هرمس، «محايد أخلاقيا»
Amoral ، فالفهم عملية عقلية خالصة لا دخل فيها للأخلاق، قد يكون الاستبصار المفاجئ إيقاظا سارا وقد يكون محبطا ومخيبا إذ يجرد المرء من وهم لذيذ، غير أن الفهم ذاته محايد دائما من الوجهة الأخلاقية.
وقد أشار ولتر أوتو
Walter Otto
إلى وجود تواز بين هرمس وإله الفيدا «بوشان» الذي ينقذ التائهين في الطرق، فهو مثل هرمس يعرف الطرق، وله طريقة خاصة في مساعدة البشر وفي منحهم الكنز، وذلك بأن يتيح لهم أن يعثروا عليه بأنفسهم، كذلك الحال على صعيد التأويل؛ فالمناهج التأويلية قد صممت لكي تمكن النص من أن يؤتي كنزه، غير أن المؤول يرشد القارئ إلى الكنز ثم ينسحب، إن المؤول مجرد موجه، وهو بوصفه موجها يبقى صورة هامشية، يبقى خارجيا، محرضا فحسب.
وصفوة القول: أن هرمس يظل إله الطرق والمفارق والعتبات وعابر الحدود، ويترأس جميع الصفقات التي تعقد على الحدود؛ ولذلك فهو إله الترجمة وإله جميع التعاملات بين العوالم، ويبدو أن ماهية الهرمنيوطيقا أن تكون حدية، أن تتوسط بين مجالات الوجود، سواء بين الله والبشر، الصحوة والنوم، الوعي واللاوعي، الحياة وما بعد الحياة، الجلي والخفي، النهار والليل، ويبدو أن أبعاد الإله الميثولوجي هرمس تومئ إلى عنصر محوري في معنى الهرمنيوطيقا: وهو أنها وساطة بين العوالم، وفي الحالات الشديدة تعد رسالة هرمس مزلزلة للعالم: فهي تحدث، كما يقول هيدجر: «تحولا في الفكر.»
الفصل الثاني
Bog aan la aqoon