وللعالم سقطات، وللمّتقى هفوات. وكان ابن عمر «١» يقول: إذا ترك العالم قول «لا أدرى» أصيبت مقاتله.
وقال علىّ رحمة الله عليه: يا بردها على الكبد من عالم يقول: «لا أدرى» ! وأحسن ما روى فى جبلّة الإنسان الّتى جبل عليها كلام يروى عن علىّ رحمة الله عليه، يشبّه بكلام الأنبياء ﵈، يصدّق ذلك ما روى عنه أنه مسح يده على بطنه، وقال: كنيف «٢» ملىء علما، أما والله لو طرحت لى وسادة لقضيت لأهل التوراة بتوراتهم، ولأهل الإنجيل بإنجيلهم، ولأهل القرآن بقرآنهم. وكان رسول الله صلى الله عليه يقول: أنا مدينة العلم وعلىّ بابها. وكان كلامه فى فطرة الإنسان كلام من قد عرف ذلك من نفسه، أو يقرؤه من كفّه:
وأعجب ما فى الإنسان قلبه، وله موادّ من الحكمة، وأضداد من خلافها، فإن سنح له الرجاء «٣» أذلّه الطمع، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن عرض له الغضب استبدّ به الغيظ، وإن أسعد بالرضا نسى «٤» التحفّظ، وإن ناله الخوف شغله الحذر، وإن اتّسع له الأمر استلبته الغرّة «٥»، وإن أفاد مالا أطغاه الغنى، وإن عارضته فاقة فضحه الجزع، وإن جهده الجوع
1 / 3