160 عن الفضل بن الربيع رضى الله عنه:
أن الرشيد الخليفة قال له يوما: أين هذا الحجازي؟ كالمغضب، يعني الإمام الشافعي، فقلت: هاهنا، قال: علي به، فخرجت وبي من الهم والحزن؛ لمحبتي للشافعي، لفصاحته وبراعته، وبلاغته وعقله، فجئت إلى بابه وأمرت من دق عليه، وكان قائما يصلي فتنحنح، فوقفت حتى فرغ من صلاته وفتح الباب، فقلت: أجب أمير المؤمنين، فقال: سمعا وطاعة، وجدد الوضوء وارتدى، وخرج يمشي حتى انتهينا إلى الدار، فمن شفقتي عليه قلت: يا أبا عبد الله، قف حتى أستأذن لك، فدخلت على أمير المؤمنين فإذا هو على حالته كالمغضب، فقال: أين الحجازي؟ قلت: عند الستر، فجئت إليه، فقام يمشي رويدا ويحرك شفتيه، فلما بصر به أمير المؤمنين قام إليه فاستقبله، وقبل بين عينيه، وهش وبش، وقال: لم لا تزورنا وتكون عندنا؟ فأجلسه وتحدثا ساعة، ثم أمر له ببدرة دنانير، فقال: لا إرب لي فيه، قال الفضل: فأومأت إليه، فسكت، وأمرني أمير المؤمنين أن أرده إلى منزله، فخرجت والبدرة تحمل معه، فجعل يعطي يمنة ويسرة حتى رجع إلى منزله وما معه دينار.
فلما دخل منزله قلت له: قد عرفت محبتي لك، فبالذي سكن غضب أمير المؤمنين عنك إلا ما علمتني ما كنت تقول في دخولك معي إليه، فقال: حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قرأ يوم الأحزاب: شهد الله أنه لا إله إلا هو إلى قوله: إن الدين عند الله الإسلام ثم قال: وأنا أشهد بما شهد الله به، وأستودع الله هذه الشهادة، وهذه الشهادة وديعة لي عند الله يؤديها إلي يوم القيامة، اللهم إني أعوذ بنور قدسك وعظيم ركنك وعظمة طهارتك، من كل آفة وعاهة، ومن طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير، اللهم أنت غياثي بك أستغيث، وأنت ملاذي بك ألوذ، وأنت عياذي بك أعوذ، يا من ذلت له رقاب الجبابرة، وخضعت له أعناق الفراعنة، أعوذ بك من خزيك، ومن كشف سترك، ونسيان ذكرك، والانصراف عن شكرك، أنا في حرزك، ليلي ونهاري، ونومي وقراري، وظعني وأسفاري، وحياتي ومماتي، ذكرك شعاري وثناءك دثاري لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك،
Bogga 79