162

Fadliga Baytul Maqdis

فضائل بيت المقدس لابن المرجى المقدسي

Noocyada

أخبرنا أبو الفرج، بقراءتي عليه، قال: أبنا عبد الله بن بكر الطبراني، قال: أبنا أبو بكر محمد بن أحمد بن سهل النابلسي، قال: أخبرني محمد بن عبد الله بن همام، قال: ثنا الحسين بن محمد بن أبي حثمة الأنصاري، قال: حدثني محمد بن أبان بعبادان في الرباط، قال: حدثني كادح بن رحمة الزاهد، لقيته في رباط قزوين، قال: حدثني عبد الله بن لهيعة، عن موسى ابن أيوب، عن رجل حدثه، عن أبي مالك، يعني: الغافقي، قال ابن لهيعة: وكان أبو مالك ممن قدم على علي -كرم الله وجهه- بالعراق، قال: دخل يحيى بن زكريا بيت المقدس وهو ابن ثمان حجج، فنظر إلى عباد بيت المقدس قد لبسوا مدارع الشعر وبرانس الصوف، ونظر إلى مجتهديهم قد حرقوا التراقي، وسلكوا فيها السلاسل، وشدوها إلى حنايا بيت المقدس، فهاله ذلك فرجع إلى أبويه، فمر بصبيان وهم يلعبون فقالوا: يا يحيى هلم فلنلعب. قال: يا هؤلاء ما للعب خلقت. فذلك قوله تعالى: {وآتيناه الحكم صبيا}. فأتى أبويه فسألهما أن يدرعاه الشعر ففعلا، ثم رجع إلى بيت المقدس، فكان يخدم فيه نهارا، ويسبح ويصلي ليلا، حتى أتت عليه خمسة عشر سنة، وأتاه الخوف والرهبة من الله، والإشفاق من ناره وعذابه، فساح وخرج من المدينة، ولزم أطراف البلاد وعيران الشعاب، وخرج أبواه في طلبه حتى صارا إلى جبال الثنية، فانحدرا منها على بحيرة الأردن، وإذا بيحيى قد جلس على شفير ماء البحيرة، وقد أيقع قدميه في الماء، والعطش قد كاد أن يذبحه وهو يقول: وعزتك لا أذوق بارد الشراب حتى أعلم أين مصيري، إلى جنة أم إلى نار. فبكى أبواه وسألاه أن يأكل قرصا كان معهما من شعير، ويشرب من ذلك الماء، فرق لهما يحيى ففعل ذلك، وكفر عن يمينه، فذكره الله تعالى بالبر، فقال عز وجل: {وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا}. ورده أبواه إلى بيت المقدس، فكان إذا كان في صلاته بكى، ويبكي زكريا لبكائه حتى يغمى عليه، ويبكي أهل المنازل ومن كان من العباد حولهما لبكائهما، فلم يزل كذلك حتى خرقت دموعه خديه، فقالت له أمه: يا يحيى لو أذنت لي لاتخذت لك لبدا يواري هذا الخرق. قال: أنت يا أمه وذاك. وكره معصيتها، فعمدت إلى قطعتين من لبد فألصقتهما على خديه، فكان إذا بكى استنقعت دموعه في القطعتين، فتقوم أمه فتعصرهما، فكان يحيى إذا نظر إلى دموعه تجري على ذراعي أمه، قال: اللهم هذه دموعي، وهذه أمي، وأنا عبدك، وأنت أرحم الراحمين.

فكفى بهذا البيت شرقا أن يخدمه الأنبياء، ويتقربون إلى الله تعالى بذلك.

44 - باب ما جاء في باب حطة

أخبرنا عبد الرحيم بن يعقوب، قال: قرأت على أبي بكر أحمد بن محمد، قال: ثنا عمر، قال: ثنا بكر بن سهل، قال: ثنا عبد الغني بن سعيد، قال: ثنا موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس في قوله تعالى: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية}. يريد بيت المقدس {فكلوا منها حيث شئتم رغدا} يريد لا حساب عليكم {وادخلوا الباب سجدا} يريد باب بيت المقدس سجدا لله {وقولوا حطة} يريد لا إله إلا الله؛ لأنها كلمة تحط الذنوب. {فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل}. قالوا بالعبرانية: حبة سمراء، يريد الحنطة. {فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون}. يريد عذابا.

Bogga 184