Facilitation of Menstruation Rules
تيسير أحكام الحيض
Noocyada
أقل وأكثر مدة النفاس
اختلف العلماء في أكثر مدة النفاس، ولا بد أن نعرف أولًا أقل مدة له، فمثلًا امرأة ولدت، وبعد ولادتها نزل منها نقاط دم، ثم رأت القصة البيضاء، فهذه نقول لها: نفاسك هذه النقاط، نفاسك هذه المدة التي نزل فيها بعض الدم، وما دمت رأيت القصة فاغتسلي وصلي، وصومي واقرأي وادخلي المسجد، ويجامعك زوجك؛ لأنك قد طهرت، فلا حد لأقله، ولو لحظة واحدة، فيكون قد طهرت، وتسمى نفاسًا في هذه اللحظة فقط.
أما أكثر مدة النفاس فإن العلماء اختلفوا في ذلك على قولين: القول الأول: قول مالك والشافعي، وهو قول أبي داود، وعطاء، والشعبي وغيرهم من التابعين، قالوا: أكثر مدة النفاس ستون يومًا، أي: أن تحسب المرأة التي نزل منها الدم ستين يومًا، فإذا استمر الدم معها بعد الستين يومًا نقول لها: أنت مستحاضة، فهذا اليوم الواحد والستين، وهذا ليس بدم نفاس، فتدخل فتغتسل، ثم تستذفر، وتتوضأ وتصلي.
وهذا القول هو الصحيح والراجح كما سنبين، وقد قال الأوزاعي وهو من جهابذة الفقهاء: عندنا امرأة ترى النفاس شهرين، فهذا على الوجود، ومدار الأحكام في هذه المسألة على الوجود كما سأبين، أي: وجد في النساء من ترى الدم بعد الولادة ستين يومًا.
القول الثاني: قول أبي حنيفة، والثوري، وأحمد ومن الشافعية المزني من الشافعية، قالوا: أكثر مدة النفاس أربعون يومًا.
ودليلهم في ذلك ما رواه أحمد عن أم سلمة ﵂ وأرضاها أنها قالت: (كانت النفساء تجلس على عهد النبي ﷺ مدة أربعين يومًا) وهذا ما استدل به الحنابلة ومن وافقهم، وقالوا: كانت تجلس أربعين يومًا على عهد النبي ﷺ، فهذا توقيف من النبي ﷺ.
والصحيح الراجح من ذلك: أن أكثر مدة النفاس ستون يومًا؛ لأن المسألة في هذه مدارها على الوجود، فإن وجدت امرأة ينزل فيها الدم عقب الولادة إلى آخر يوم في الستين، وينزل بنفس الصفة واللون والرائحة فلا نغير الحكم، بل إن الحكم واحد، وقد قال الأوزاعي -كما قلت- وجد من النساء من ترى الدم ستين يومًا.
فأقول: إذا وجد من النساء من ترى ذلك فالحكم مع الوجود، فكيف نفعل هذا؟! وحديث النبي ﷺ ينص على خلاف ذلك.
ما العلم إلا قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس بالتمويه ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين الرسول وبين قول فقيه أتأخذ بـ الشافعي والأوزاعي وتترك قول رسول الله أيها الجاهل؟! نعم أكون جاهلًا حقًا، وأكون معاندًا حقًا عندما أجد حديث النبي ﷺ، ثم آخذ بقول فلان وعلان، أو الشيخ الفلاني والفقيه الفلاني، لا والله ما آخذ إلا بحديث النبي ﷺ.
لذا فأقول هنا: هذا الحديث ليس قول النبي ﷺ، بل هو إخبار بأن النساء في عصر النبي كن يمكثن أربعين يومًا فينقطع الدم، فإن وجد من ترى الدم أكثر من أربعين يومًا أخذنا به؛ لأن النبي ﷺ لم يقل إن أكثر مدة النفاس عند المرأة أربعون يومًا، لكن غالب النساء حتى في عصورنا هذه عادتهن في النفاس أربعون يومًا، فيكون مدار الحديث على الأغلب، أي: أن غالب النساء في عصر النبي ﷺ كن يمكثن أربعين يومًا نفاسًا.
5 / 4