ولكن الله عز وجل قد قيض لهذا الدين من يحمل أمانته، ويعلي كلمته، وينفي عنه تحريف الغالين وتأويل المبطلين، وانتحال الجاهلين، فانبعث المجددون من دعاة التوحيد الخالص يبلغون رسالات الله ويخشونه، ولا يخشون أحدا إلا الله، ويوطئون للحق مهادا في أرض الله، ويقومون بحجة الله على عباد الله.
ولم تكن معركة التوحيد يومئذ قاصرة على مواجهة ضلال القبوريين في باب النسك، بل تعدت ذلك إلى مواجهة شرك الطواغيت في العدول عن شريعة الله، وشرك المنهزمين وصنائع المستشرقين ممن هان عليهم دينهم وأمتهم فراحوا يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، ويوادون من حاد الله ورسوله!.
وسوف نتناول في هذا الفصل بعض صور العبادة التي ضل فيها كثير من القبوريين ومن دار في فلكهم فتوجهوا بها لغير الله، ثم نتناول بقية الجوانب تباعا في المطالب التالية بإذن الله.
المطلب الأول
الدعاء والاستغاثة والاستعاذة
أولا: الدعاء
الدعاء نوعان: دعاء عبادة، ودعاء مسألة، ويراد به في القرآن هذا تارة وهذا تارة وقد يراد به مجموعهما.
فدعاء المسألة: هو طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع أو كشف ضر، ولقد أنكر القرآن على من يدعو أحدا من دون الله ممن لا يملك ذلك.
قال تعالى: {قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم} [المائدة: 76].
Bogga 28