Explanation of the Treatise on Lifting Blame from the Distinguished Imams
شرح رسالة رفع الملام عن الأئمة الأعلام
Noocyada
رتبة المسألة المستدل عليها من الشريعة
- المعتبر الثاني: رتبة المسألة من الشريعة:
والمقصود هنا: نظر المستدل إلى رتبة المسألة من الشريعة.
فمثلًا: مسألة وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع ما رتبتها من الشريعة؟ نقول: هذه المسألة ليست من بيّن الفروع التي انضبط عن النبي ﷺ فيها هدي بيّن، فهي من فروع الشريعة غير البيّنة عند الأئمة بحكم معين، فإذا كان كذلك فينبغي أن تعطى هذه الرتبة في الحكم، وطريقة الخلاف، والنظر إليها، وإمضاء الوقت فيها، واستعمال الأدلة عليها، وأن لا تكون مسألة عزمًا فينصب الخلاف فيها نصبًا، ويقطع القول فيها قطعًا، فتعطى من الرتبة ما هو أعلى من ترتبها.
وبالمقابل فكما أنه قد يعرض لبعض طلبة العلم أنهم يعلون الرتبة، فيتعثر الخلاف بين المسلمين بهذه الرتبة التي لم تكن عزمًا عند المتقدمين من السلف إلى هذه الدرجة، فكذلك قد ينزل البعض أحيانًا رتبة بعض المسائل الشرعية.
ولعل من المثال المناسب له في نظري: تساهل بعض طلاب العلم في قضايا الحج، فيرون أن من ترك واجبًا ولو عمدًا فيتوب ويستغفر وحجه صحيح! كذلك يقولون: لا يلزم الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس؛ فإنه سنة وليس بواجب، كذلك مسألة المبيت يرون أنه لا يلزم؛ لأن الناس في ضيق ومشقة، وكذلك يرون أن الرمي فيه سعة، فلو وكل غيره ليرمي عنه فلا بأس ..
وهكذا!
وبهذه الإسقاطات قد ينتهي الحج خلال ثلاث ساعات أحيانًا! وقد يقولون: إن هذا من باب التيسير على الناس، فيقال: إن التيسير ليس أمرًا عقليًا محضًا؛ بل إذا ثبتت المشقة ثبت التيسير، وهذه المبادرات أحيانًا تشتت الناس، وليس عليها أدلة بينة، فكيف يقال: إنه يحج ويترك ما شاء من الواجبات ثم يتوب ويستغفر وحجه صحيح، ولا إثم عليه ولا مؤاخذة ولا نقص في حجه؟! مع أنه كقاعدة شرعية: لا يوجد عبادة في الإسلام يسوغ فيها ترك العمد إلا بجبرانه.
ومن المعلوم أن الله ﷾ أجرى مسألة الجبران في المناسك بالدماء، وإذا كان الدم يشرع في المحظور الخارج عن ماهية العبادة، فمن باب أولى فيما هو من ماهية العبادة، وهذا هو التأصيل الذي ذكره بعض كبار الأئمة كـ شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في بعض كتبه.
5 / 9