Explanation of the Hadith 'Signs of a Hypocrite are Three...' - Part of 'Works of Al-Mualimi'
شرح حديث «آية المنافق ثلاث. . .» - ضمن «آثار المعلمي»
Baare
علي بن محمد العمران
Daabacaha
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٤ هـ
Noocyada
الرسالة الثانية عشرة
شرح حديث: "آية المنافق ثلاث ... "
15 / 351
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اعلم ــ وفقني الله وإيّاك ــ أنّ (إذا) قد تفيد التكرار في نحو قولك: ما لي أرى زيدًا إذا دَخَل عمروٌ قام، وعلامتها أن تحلّ محلها (كلّما) وذلك خاصٌّ بما إذا تجرَّدت عن الاستقبال وصارت للاستمرار، فتدبّر أيُّها الذوَّاق.
إذا تقرّر ذلك فقوله ــ ﵌ ــ: "آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخْلَفَ، وإذا اؤتمن خان" رواه البخاريُّ (^١)، وكذا مسلمٌ (^٢) بزيادة بعد ثلاث: "وإنْ صامَ وصلى وزعم أنَّه مسلم".
ورَوَيا أيضًا (^٣): "أربعٌ من كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومَن كانت فيه خَصلةٌ منهنَّ كان فيه خَصلة من نفاقٍ حتى يدعَها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" هـ.
فـ (إذا) فيهما من هذا الباب ــ أعني ــ: أنّ المراد مَنْ غلبت عليه هذه الخصالُ أضدادَها فهو منافق؛ لأنه يبعد أن يُحمل الحديث على ظاهره مِنْ عموم هذه الخصال الأربع وانتفاء أضدادها قطعًا، فلم يبقَ إلا أن نحمله على أقرب شيءٍ إلى المحضيّة، وذلك الغلبة.
فنحن نعتقد أنّ هذه الخصال لا تغلب إلا على منافق خالصِ النفاق الشرعي الذي هو خلاف الإيمان.
_________
(^١) (٣٣) من حديث أبي هريرة.
(^٢) (٥٩/ ١٠٩) من حديثه أيضًا.
(^٣) البخاري (٣٤)، ومسلم (٥٨) من حديث عبد الله بن عمرو.
15 / 353
ومعنى الحديثين واحدٌ، فإنّ قوله في الأول: "وإذا وعد أخلفَ" يشمل قوله في الثاني: "وإذا عاهد غدر" فما في الأول مطلقٌ، وما في الثاني مقيَّدٌ.
وقد يقال: يُحمل المطلق على المقيّد ــ كما هو مقرّر في الأصول ــ فعليه لا يكون إخلاف الوعد آيةً للنفاق إلا إذا غدر بعهدٍ، وهذا هو الموافق لمذهب الشافعيّة: أنّ الوفاء بالوعد لا يجب.
فأمّا قوله تعالى في الثناء على إسماعيل ــ ﵇ ــ: ﴿إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ﴾ [مريم: ٥٤] فإنه لا يفيد إلا أنّ ذلك من الخصال المحمودة، وهي تشمل الواجب والمندوب فلا يدلُّ على الوجوب.
ويدلُّ على ذلك قوله ﵌: "وإذا وعد الرجل أخاه ومِن نيّته أن يفي فلم يفِ ولم يجئْ للميعاد فلا إثم عليه" رواه أبو داود والترمذي عن زيد بن أرقم (^١).
ثم قوله فيهما: "وإذا حدّث كذب" يشمل قوله في الثاني: "وإذا خاصم فجر" فهو من عطف المقيّد على المطلق، وذلك يفيدُ مزيد الاهتمام بشأنه.
وبهذا تقرَّر أن معنى الحديثين واحدٌ فلا حاجة لما قاله بعضُهم: "إنّ الشيء قد يكون له علاماتٌ كثيرة" فإنّه يفيد التغاير، والتوفيق بين الحديثين أولى عند العارفين مع أنّه واضحٌ. وقد استفدنا بذلك مسألة نفيسة، ولمّا غفلوا عن نيّة التكرار وقعوا في إشكالٍ حتى قال أكثرُهم: إنّ ذلك خاصٌّ
_________
(^١) أبو داود (٤٩٩٥)، والترمذي (٢٦٣٣) وقال: "هذا حديث غريب وليس إسناده بالقوي، علي بن عبد الأعلى ثقة، ولا يُعرف أبو النعمان ولا أبو وقاص وهما مجهولان".
15 / 354
بمنافقي زمانه ــ ﵊ ــ، وهذه دعوى لا دليل عليها.
فأمّا ما رواهُ مقاتل عن الحسن أنّ رسول الله ﵌ لمّا قال ذلك شغل قلوبَ أصحابه أن يسألوه؛ فأمروا فاطمة ابنته أن تسأله، وذكروا لها شغل قلوبهم، فأخبرت فاطمة النبيَّ ﵌، فأمر سلمانَ فنادى: الصلاة جامعة، فصعد المنبر ثم قال: "أيُّها الناس إني كنتُ قلتُ لكم: ثلاث من كنَّ فيه فهو منافقٌ، ولم أعنكم به إنّما عنيتُ المنافقين، أمّا قولي: إذا حدث كذب فإنهم أتوني فقالوا لي: إيمانُنا كإيمانك، وتصديق قلوبنا كتصديق قلبك فأنزل الله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ ...﴾ إلى ﴿.. لَكَاذِبُونَ﴾ وأمّا قولي: "وإذا اؤتمن خان" فإنّ الصلاة والدين كلُّه أمانة فإنهم ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ ...﴾ الآية [النساء: ١٤٢]، وفيهم قال الله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ﴾ إلخ [الماعون: ٤ - ٥]، وأمّا قولي: "وإذا وعد أخلف" فإنّ ثعلبة بن حاطبٍ أتاني وقال: إنّي مولَعٌ بالساعة ولي غُنيمات فادعُ الله أن يبارك لي فيهنَّ، فعليَّ عهدُ الله لأتصدقنَّ وأكوننّ من الصالحين، فدعوتُ الله فَنَمَت وزادت حتى ضاقت عليها الفجاج فسألته الصدقة فبخل بها؛ فأنزل فيه: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ ...﴾ الآية [التوبة: ٧٥] " فسُرّي عن الصحابة وتصدّقوا بمالٍ عظيم".
كذا نقلتُ هذا الحديث من "تحفة الزمن في تاريخ سادات اليمن" (^١)
_________
(^١) (ص ٧٠). والحديث أخرجه بطوله الثعلبي في "الكشف والبيان": (٥/ ٧٣ - ٧٥)، وذكر الطبري طرفًا منه: (١١/ ٥٨٥).
15 / 355
للحسين بن عبدالرحمن الأهدل، فإن صحَّ فليس فيه إلا أنَّه لم يَعْنِ مخاطبيه، وذلك حقٌّ؛ فإنّهم ﵃ لم تغلب عليهم تلك الخصال، فأمّا المنافقون فإنها غالبةٌ عليهم، كما يدلُّ عليه قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ ...﴾ فإنّ (إذا) فيها مفيدةٌ للتكرار، وكذلك قوله: "فإنّ الصلاة والدين كلّه أمانة ... إلخ". و(إذا) في قوله: ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى﴾ مفيدةٌ للتكرار. وأمّا قصةُ ثعلبة فإنّه لم يتكرر منه الغدر بالعهد، لكنّه لما كان لله ورسوله وأصرّ عليه غُلِّظ عليه.
وهذا الحديث ــ إن صحَّ ــ فليس بيانًا لاختصاص الحديث السابق بمنافقي زمانه ــ عليه أفضل الصلاة والسلام ــ وإنّما هو بيانٌ لمصداقه من القرآن، فإنه تعالى خصَّ بالمنافقين بتكرر أنّهم إذا جاؤوه كذبوا فصارت علامةً لهم، وخصَّهم بالوصف بتكرّر خيانة الأمانة، ومنها الصلاة فصارت علامةً لهم، وحكم على ثعلبة (^١) بالنفاق لغدره بالعهد المغلّظ وإصراره عليه فصارت علامةً.
وقصّة ثعلبة تعضد ما قلناه مِن أنّ إخلافَ الوعد لا يكون آية النفاق حتى تكون غدرًا بالعهد، وإذا علمتَ أن الصلاة والدين كلّه أمانة سَهُل عليك الأمرُ، وحقًّا هي أمانة يدلُّ عليها هذا الحديث وغيره كقوله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ [الأحزاب: ٧٢] إلى غير ذلك من الآيات مع
_________
(^١) لا تثبت قصة ثعلبة من وجه يصح، وانظر كتاب "ثعلبة من حاطب الصحابي المفترى عليه" لعداب الحمش.
15 / 356
قوله ﵌: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له" (^١).
رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (^٢) عن أنس قال: قلّما خطَبنا رسول الله ﵌ إلاّ قال.
بل ظاهر هذا الحديث أنّ كلًاّ من الخيانة والغدر بالعهد كفرٌ على حِدَته.
وأمّا قول من قال: "المقصود بالنفاق النفاق اللغوي وهو مخالفة الباطن للظاهر" (^٣).
فيقال له: كلامُ الشارع محمولٌ على اصطلاحه، ولا يحمل على خلافه إلا بدليلٍ ولا حاجة إليه.
فخلاصة البحث: أنّ من غلب عليه الكذب في الحديث، والغدرُ بالعهد، والخيانةُ بالأمانة مهما كانت= فهو منافقٌ خالصٌ. لا يقال: إنّ الحديثين مُطْلِقان للأمانة وحديث مقاتل عن الحسن ــ إن صحّ ــ مقيِّدٌ لها بالدِّين فيُحْمَل المطلق على المقيّد؛ لأننا نقول: إنّما يُحْمَل المطلق على المقيَّد إذا كان ذكرُ المقيّد تأصيلًا، كذكر الغدر بالعهد في الحديث الثاني، وأمّا إذا ذُكِر تمثيلًا كحديث مقاتل فلا؛ لأنّه إنّما استدل على أنّ خيانة الأمانة
_________
(^١) أخرجه أحمد (١٢٣٨٣)، وأبو يعلى (٢٨٦٣)، وابن حبان (١٩٤)، والبيهقي (٦/ ٢٨٨) وغيرهم من حديث أنسٍ ﵁. وسنده حسن.
(^٢) (٤٠٤٥) وليس فيه هذا اللفظ، وهو في "سننه الكبرى": (٦/ ٢٨٨)، وفي "مسند أحمد".
(^٣) انظر "إكمال المعلم": (١/ ٢٢٢) للقاضي عياض.
15 / 357
من آيات النفاق بأنّ الله تعالى خصَّ المنافقين بتضييع الصلاة ونحوها، وهي من الأمانة، فتدبّر.
على أنّه ما مِن واحدة من الثلاث إلا وقد ورد أنّها كفرٌ؛ فأمّا الخيانة والغدر بالعهد فقد مرّ حديث البيهقي، وأمّا الكذب فقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ [النحل: ١٠٥] (^١)، مع الحديث [الذي] (^٢) رواه مالكٌ والبيهقي في "شعب الإيمان": "أيكون المؤمن كذابًا" (^٣). والحديث الآخر وفيه: "أيكذب المؤمن؟ " قال: "لا، ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ...﴾ الآية" (^٤) وهو في "منتخب كنز العمال" وله طرقٌ. وحديث أحمد والبيهقي: "يطبع المؤمن على الخلال
_________
(^١) وعنه ﵌ في حديث رواه أبوداود [٣٥٩٩] قال: صلّى رسول الله ﵌ صلاة الصبح فلما انصرف قام قائمًا فقال: "عدلت شهادة الزور بالإشراك ثلاث مرات ثم قرأ: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ﴾ [الحج: ٣٠ - ٣١]. [المؤلف].
(^٢) زيادة ليستقيم السياق.
(^٣) مالك في "الموطأ" (٢٨٣٢)، والبيهقي في "الشعب" (٤٤٧٢) من حديث صفوان بن سليم مرسلًا.
(^٤) أخرجه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (٤٧٤) و"مكارم الأخلاق" (١٤٠)، والطبري في "تهذيب الآثار": (مسند علي ــ ٢٢٤) وغيرهم من طريق يعلى بن الأشدق عن عبد الله بن جراد عن أبي الدرداء. قال الذهبي في "الميزان": عبد الله بن جراد مجهول لا يصح خبره؛ لأنه من رواية يعلى بن الأشدق الكذَّاب.
15 / 358
كلها إلا الخيانة والكذب" (^١)، وقوله: "يُطْبَع المؤمن" يدلّك على ما قلناه من شرط التكرار، ومثله قوله في حديث متفق عليه (^٢):
"وما يزال الرجل يكذبُ ويتحرَّى الكذب حتى يُكْتَب عند الله كذابًا" (^٣).
_________
(^١) أحمد (٢٢١٧٠)، وابن أبي عاصم في "السنة" (١٠١) من حديث أبي أمامة، وأخرجه أبي عاصم (١٠٢)، والبيهقي في "الشعب" (٤٤٧١) وغيرهم من حديث ابن عمر. وله شواهد أخرى، وكلها لا تخلو من ضعف. انظر "السلسلة الضعيفة" (٣٢١٥).
(^٢) البخاري (٦٠٩٤)، ومسلم (٢٦٠٧) واللفظ له من حديث عبد الله بن مسعود ﵁ ..
(^٣) وأمّا قولهم في إخوة يوسف إنّ أباهم ائتمنهم على يوسف فخانوه ووعدوه بحفظه وأخلفوا وحدّثوه بأنّ الذئب أكله فكذبوا.
فنقول: أمّا الخيانة فوقعت، وكذا الكذب ولكن ذلك لم يتكرر منهم فضلًا عن أن يغلب عليهم، وأمّا إخلاف الوعد فقد قررنا أنه لا يكون آيةً للنفاق إلا أن يكون غدرًا بالعهد وقد رأيت حين أخذ عليهم أبوهم الموثق كيف حافظوا عليه فارتفع الإشكال، ولله الحمدُ.
ثم إنَّ قصتهم هذه ممّا يُشكل على مذهب القائل: إنّ الأنبياء معصومون عن الصغائر والكبائر قبل النبوة وبعدها:
فأولًا: يُنظر هل هم أنبياء أم لا؟
نقول: إنّهم أنبياء لقوله تعالى: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ﴾ [البقرة: ١٣٦]، وقوله جل شأنه: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ﴾ [النساء: ١٦٣] إلى غير ذلك. ثم واقعتهم مع يوسف كانت قبل النبوة لقوله فيها: ﴿قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (٨٩)﴾.
وعلى هذا فيبقى الإشكال على قول إنّ الأنبياء معصومون قبل النبوة وبعدها. وأمّا المعصية التي ارتكبوها فالظاهر أنّها كبيرة، ولا يتخرّج هذا إلا على قول من قال: إنّهم قبل النبوة غير معصومين، وهذا قول خطرٌ، فالأولى التوقّف حتى يبيّن الله تعالى الحقَّ في ذلك.
والله وليُّ التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل. [المؤلف].
تنبيه: من قوله: "ثم إنّ قصتهم ... " إلخ، وُجد بآخر الرسالة والظاهر أنها متعلقة بما تقدم في الحاشية من مسألة إخوة يوسف وما جرى لهم.
15 / 359
ثم اعلم أن نقائض هذه الخصال من شعب الإيمان كما تدلّ على ذلك آيات القرآن، كقوله تعالى في وصف المؤمنين: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ [المؤمنون: ٨]، وقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون: ٣] وقوله ــ جلّ شأنه ــ في صفة عباده: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان: ٧٢]، وقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٩] إلى غير ذلك.
وهذا آخر ما استرسل به القلم في هذا البحث، وفقنا الله تعالى لما يحبه ويرضاه، وجنَّبنا ما لا يحبه ويرضاه. وفقنا الله للإيمان، وجنّبنا مداحض الخذلان، وحَفِظَنا من الخسران، وأعاذنا من الشيطان، وكتب لنا النجاة من النيران، والخلود في الجنان في الرَّوح والريحان، والفضل والرضوان. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد سيّد ولد عدنان، وعلى آله وأصحابه والتابعين بإحسان. والحمد لله رب العالمين.
والله وليُّ التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
15 / 360