44

Explanation of the Great Foundation in Means and Intercession

شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة

Noocyada

محاولة الشياطين إيذاء رسول الله وعصمة الله له منهم موضوع ما سيذكره الشيخ هنا هو ما يتعلق باستحواذ الشياطين على أهل البدع والأهواء، وببذل الأسباب الشرعية التي تعين المسلم على الاستعانة بالله ﷿ والتوكل عليه، وتبعد عنه الشياطين وآثار الشياطين. وكذلك سيذكر الشيخ في هذا المقطع وما بعده مدى تلاعب شياطين الجن والإنس ببني آدم بسبب تفريطهم في أمور الدين والعقيدة، وهذا التلاعب أول ما يكون على الكفار والمشركين، ثم على أهل البدع الذين وقعوا في التوسلات البدعية. قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: [وعن عائشة ﵂: (أن النبي ﷺ كان يصلي فأتاه الشيطان فأخذه ﷺ فصرعه فخنقه، قال رسول الله ﷺ: حتى وجدت برد لسانه على يدي، ولولا دعوة سليمان لأصبح ذلك موثقًا حتى يراه الناس). أخرجه النسائي وإسناده على شرط البخاري كما ذكر ذلك أبو عبد الله المقدسي في مختاره الذي هو خير من صحيح الحاكم. وعن أبي سعيد الخدري ﵁: (أن رسول الله ﷺ كان يصلي صلاة الصبح وهو خلفه، فالتبست عليه القراءة فلما فرغ من صلاته قال: لو رأيتموني وإبليس، فأهويت بيدي فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين إصبعي هاتين -الإبهام والتي تليها- ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطًا بسارية من سواري المسجد يتلاعب به صبيان المدينة، فمن استطاع أن لا يحول بينه وبين القبلة أحد فليفعل) رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه. وفي صحيح مسلم عن أبي الدرداء ﵁ أنه قال: (قام رسول الله ﷺ يصلي، فسمعناه يقول: أعوذ بالله منك، ثم قال: ألعنك بلعنة الله ثلاثًا وبسط يده كأنه يتناول شيئًا، فلما فرغ من صلاته قلنا: يا رسول الله! سمعناك تقول شيئًا في الصلاة لم نسمعك تقوله قبل ذلك، ورأيناك بسطت يدك. قال: إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي، فقلت: أعوذ بالله منك ثلاث مرات، ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة فاستأخر، ثم أردت أن آخذه، ولولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقًا يلعب به ولدان المدينة). فإذا كانت الشياطين تأتي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لتؤذيهم وتفسد عبادتهم، فيدفعهم الله تعالى بما يؤيد به الأنبياء من الدعاء والذكر والعبادة ومن الجهاد باليد، فكيف من هو دون الأنبياء؟ فالنبي ﷺ قمع شياطين الإنس والجن بما أيده الله تعالى من أنواع العلوم والأعمال، ومن أعظمها الصلاة والجهاد، وأكثر أحاديث النبي ﷺ في الصلاة والجهاد. فمن كان متبعًا للأنبياء نصره الله سبحانه بما نصر به الأنبياء، وأما من ابتدع دينًا لم يشرعوه، فترك ما أمروا به من عبادة الله وحده لا شريك له واتباع نبيه فيما شرعه لأمته، وابتدع الغلو في الأنبياء والصالحين والشرك بهم فإن هذا تتلعب به الشياطين، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ﴾ [النحل:٩٩ - ١٠٠]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [الحجر:٤٢]].

6 / 2