Explanation of the Forty Hadiths of Al-Nawawi - Al-Abbad
شرح الأربعين النووية - العباد
Noocyada
الموازنة بين الحسنات والسيئات وحالاتها
السؤال
ذكر في سبب رواية الحديث عند مسلم أن حميد بن عبد الرحمن ويحيى بن يعمر قد مدحا القائلين بنفي القدر، فهل فيه العمل بقاعدة الموازنة بين الحسنات والسيئات؟ وكيف يكون الرد على هذه الشبة؟
الجواب
قضية الموازنة بين الحسنات والسيئات ليست في كل وقت وفي كل حين، ففي بعض الأحيان يمكن أن يكون للموازنة بذكر الحسنات والسيئات وجه، وذلك مثلما جاء في هذا الحديث؛ لأن هذا تمهيد لبيان الشيء الذي وجد، وأنهم عندهم في الظاهر استقامة وعبادة، وأنّ الناس قد يغترون بهم، وذلك لما يرى من هيئتهم، فهذا قالوه كالتمهيد لبيان الشيء العظيم الذي أنكر عليهم، فهم ليسوا أناسًا مجهولين أو أناسًا غير معروفين بعبادة أو معرفة، وإنما عندهم معرفة، ولهذا يحصل الاغترار بهم، فذكر ذلك من أجل أن يبينا أن الناس يغترون بهم، وأن هذا من أسباب الاغترار بهم؛ لأن الذي عنده معرفة يغتر به، والذي عنده جهل لا يلتفت إليه ولا يغتر به، وهناك حالات لا يكون معها ذكر الحسنات، وذلك كما جاء في قصة المرأة التي استشارت الرسول ﷺ في معاوية وأبي جهم الذين خطباها، وقال لها النبي ﷺ: (أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه)، ولم يذكر شيئًا من حسانتهما؛ لأن المقام مقام بيان الشيء الذي يناسبها معرفته، فهي تريد أن تتزوج، فالقضية ليست قضية بيان المحاسن، وإنما القضية هي بيان الشيء الذي يعاب به الرجل حتى تكون على بينة من أمرها، فقال: أما معاوية فكذا، وأما أبو جهم فكذا.
فلم يذكر شيئًا من حسناتهما، مع أن معاوية ﵁ له محاسن، فقد كان من كتاب الوحي، وكان من أذكياء الصحابة ودهاتهم، ومع ذلك لم يذكر محاسنه؛ لأن المقام ليس مقام مدح، وإنما هو مقام بيان حاله، وذكر الشيء الذي قد لا يناسب المرأة منه، ككونه فقيرًا ليس عنده شيء ينفقه على نفسه ولا عليها، وكون أبي جهم ضرابًا للنساء، أو أنه كثير الأسفار لا يمكث عند المرأة، ولا يكون على صلة بها باستمرار، فتارة تذكر الحسنات، وتارة تذكر السيئات، وتارة يجمع بينهما.
3 / 21