وبهذا التقرير ظهر مناسبة ذكر هذا الباب بعد باب التدليس فهو أولى من فعل العراقي تبعًا لابن الصلاح حيث ذكره بين مختلف الحديث ومعرفة الصحابة.
ثم ذكر رحمه الله تعالى ما يعرف به الإرسال الخفي وهي أمور فقال:
١٧٧ - وَيُعْرَفُ الإِرْسَالُ ذُو الْخَفَاءِ ... بِعَدَمِ السَّمَاعِ وَاللِّقَاءِ
١٧٨ - وَمِنْهُ مَا يُحْكَمُ بِانْقِطَاعِ ... مِنْ جِهَةٍ بِزيْدِ شَخْصٍ وَاعِ
١٧٩ - وَبِزِيَادَةٍ تَجِي، وَرُبَّمَا ... يُقْضَى عَلَى الزَّائِدِ أَنْ قَدْ وَهِمَا
١٨٠ - حَيْثُ قَرِينَةٌ وَإِلاَّ احْتَمَلا ... سَمَاعُهُ مِنْ ذَيْنِ مَا قَدْ حَمَلا
(ويعرف الإرسال) فعل مغير ونائب فاعله (ذو الخفاء) صفة للإرسال وهو الذي قدمنا تعريفه عن الحافظ واحترز به عن الإرسال الظاهر وهو أن يروي الرجل عمن لم يعاصره بحيث لا يشتبه إرساله باتصاله على أهل الحديث كأن يروي مالك مثلًا عن سعيد بن المسيب وكحديث رواه النسائي من رواية القاسم بن محمد عن ابن مسعود قال: " أصاب النبي ﷺ بعض نسائه ثم نام حتى أصبح " الحديث. فإن القاسم لم يدرك ابن مسعود قاله العراقي.
وإنما سمي هذا بالخفي لخفائه على كثير من أهل الحديث لاجتماع الراويين في عصر واحد. والمعنى أن الإرسال الخفي يعرف (بعدم السماع) أي سماع الراوي من المروي عنه مطلقًا لا هذا الحديث ولا غيره ولو تلاقيا (و) يعرف أيضًا بعدم (اللقاء) بينهما حيث علم ذلك إما بالإخبار عن نفسه أو بإخبار إمام مطلع كما يأتي قريبًا.
ويعرف أيضًا (بزيادة) أي بسبب زيادة اسم وقوله: (تجي) صفة زيادة أي تجىء تلك الزيادة في السَّند بين الراويين الذين كان يظن الاتصال بينهما، والمعنى أن الإرسال الخفي يعرف أيضًا بزيادة اسم رَاوٍ بَيْنَ رَاوِييْنِ يظن الاتصال بينهما على رواية أخرى حذف منها ذلك الاسم لكن بشرط أن يكون الخالي عن الزائد بما لا يقتضى الاتصال كعن وقال ونحوهما، وأما إن كان بلفظ يقتضى الاتصال كالتحديث فسيأتي حكمه.