189

Explanation of the Creed of the Predecessors and the People of Hadeeth - Al-Rajhi

شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث - الراجحي

Noocyada

المبشرون بالجنة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فأما الذين شهد لهم رسول الله ﷺ من أصحابه بأعيانهم بأنهم من أهل الجنة فإن أصحاب الحديث يشهدون لهم بذلك تصديقًا منهم للرسول ﷺ فيما ذكره ووعده لهم؛ فإنه ﷺ لم يشهد لهم بها إلا بعد أن عرف ذلك، والله تعالى أطلع رسوله ﷺ على ما شاء من غيبه وبيان ذلك في قوله ﷿: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ [الجن:٢٦ - ٢٧].
وقد بشر ﷺ عشرة من أصحابه بالجنة وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وسعيد وأبو عبيدة بن الجراح، وكذلك قال لـ ثابت بن قيس بن شماس ﵁: (إنه من أهل الجنة.
قال أنس بن مالك: فلقد كان يمشي بين أظهرنا ونحن نقول: إنه من أهل الجنة)].
من عقيدة أهل السنة والجماعة: أنهم يشهدون لمن شهد له النبي ﷺ بالجنة، كالعشرة المبشرين بالجنة وثابت بن قيس بن شماس؛ فإن النبي ﷺ قال له: (أنت من أهل الجنة).
وكان خطيب النبي ﷺ، وكان يرفع صوته في حضرة النبي ﷺ؛ لأن الخطيب يحتاج إلى رفع الصوت، فلما نزل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ [الحجرات:٢]، خاف ﵁، وجلس في بيته يبكي خشية أن يحبط عمله، فسأل عنه النبي ﷺ فأرسل إليه، فقال للرسول: إنه من أهل النار؛ لأنه يرفع صوته فوق صوت النبي ﷺ، فقال النبي ﷺ: (أخبروه أنه من أهل الجنة وليس من أهل النار).
وهذه شهادة من النبي ﷺ شهد له بها.
وكذلك الحسن والحسين فقد شهد لهما النبي ﷺ بأنهما سيدا شباب أهل الجنة، وكذلك عكاشة بن محصن، وعبد الله بن عمر، وبلال بن رباح فقد سمع قرع نعليه في الجنة، وعبد الله بن سلام وجماعة شهد لهم النبي ﷺ، والعشرة المبشرون بالجنة الذين عدهم المؤلف ﵀ كلهم يشهد لهم بالجنة، وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة، فمن شهد له النبي ﷺ بالجنة فإنا نشهد له بالجنة، وكذلك أهل بيعة الرضوان، قال ﷺ: (لن يلج النار أحد بايع تحت الشجرة) وكانوا ألفًا وأربعمائة.
وأهل بدر كذلك، فقد قال النبي ﷺ: (وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم).
أما من لم يشهد له النبي ﷺ بالجنة فإنا نشهد له بالعموم، فنشهد لجميع المؤمنين بالجنة من باب العموم، لكننا لا نشهد بالخصوص إلا لمن شهد له النبي ﷺ، واليهود والنصارى والوثنيون في النار، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار، لكن فلان ابن فلان بعينه لا نشهد له بالجنة إلا لمن شهد له الرسول، وفلان ابن فلان بعينه لا نشهد له بالنار إلا إذا علمنا أنه مات على الكفر، وقامت عليه الحجة، وهذه عقيدة أهل السنة، فـ أبو لهب مثلًا شهدت نصوص القرآن بأنه في النار وأبو جهل كذلك، وما عدا ذلك فإننا نشهد للمؤمنين على وجه العموم بالجنة، ونشهد للكفار بالنار، لكن أهل السنة والجماعة يرجون للمحسن الثواب والعفو عن المسيئ، فإذا رأوا إنسانًا مستقيمًا على طاعة الله يؤدي ما أوجب الله عليه، وينتهي عما حرم الله عليه، فإنهم يرجون له خيرًا، ويرجون أن يغفر الله له ويدخله الجنة، لكن لا يشهدون له بالجنة.
والمسيئ الذي يعمل المعاصي والكبائر يخافون عليه من النار، ولا يشهدون عليه بالنار؛ ولهذا قال المؤلف ﵀: فأما الذين شهد لهم رسول الله ﷺ من أصحابه بأعيانهم بأنهم من أهل الجنة، فإن أصحاب الحديث يشهدون لهم بذلك تصديقًا للرسول ﵊ فيما ذكره ووعده لهم؛ فإنه ﷺ لم يشهد لهم بها إلا بعد أن عرف ذلك، وقد أطلع الله تعالى رسوله على ما شاء من غيبه، وبيان ذلك في قوله ﷿: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ [الجن:٢٦ - ٢٧].
والنبي ﷺ ينزل عليه الوحي، فإذا شهد لأحد بالجنة؛ فإن هذا من الغيب الذي أطلعه الله عليه، قال الله تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم:٣ - ٤].
وقد بشر رسول الله ﷺ عشرة من أصحابه بالجنة وهم: أبو بكر، وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وأبو عبيدة بن الجراح، فهؤلاء يقال لهم: العشرة المبشرون بالجنة.
وكذلك قال لـ ثابت بن قيس بن شماس: (أنت من أهل الجنة).
لما جلس في بيته يبكي، وقال: إنه من أهل النار، قال أنس بن مالك ﵁: فلقد كان يمشي بين أظهرنا ونحن نقول: إنه في الجنة ومن أهل الجنة.

12 / 2